كأن قانون برافر ليس كافياً لإشباع شراهة الاستيطان الإسرائيلي، فكان لا بد من وثائق سرية تضمر ما لم يصرح به القانون بشأن حجم المصادرات التي تخطط لها السلطات الإسرائيلية من أراضي بدو النقب.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن خريطة سرية مبنية على تفاهم ضمني بين رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الإسكان، أوري أريئيل، يقضي باقتطاع 250 ألف دونم من بدو النقب وإخلاء 40 ألفاً منهم لمنازلهم وتعويضهم بـ 170 ألف دونم.
وقالت الصحيفة إن ديوان نتنياهو أخفى الخريطة والاتفاق عن لجنة الداخلية في الكنيست بسبب اختلافهما بشكل جوهري عن قانون برافر الذي ينص على «تسوية الاستيطان البدوي» في النقب، وفقاً لآلية إعادة توطين تتيح للسلطات الإسرائيلية تجريدهم من قسم كبير من أراضيهم. وكانت الكنيست قد أقرت القانون بالقراءة الأولى في حزيران الماضي على أثر إقراره من قبل اللجنة الوزارية لشؤون التشريع. وأدى القانون إلى موجة احتجاجات شعبية فلسطينية رافضة له بلغت ذروتها قبل أيام. ومن المقرر أن يواصل القانون مساره التشريعي، حيث يفترض أن يخضع لتمحيص لجنة الداخلية التي تعدّه للإقرار أمام الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة. إلا أن رئيسة اللجنة، عضو الكنيست ميري ريغيف، كشفت النقاب عن وجود الخريطة والاتفاق السريين، وأعلنت تجميد النقاش في القانون بسبب ما اعتبرت أنه أزمة ثقة ناجمة عن إخفاء معلومات حساسة عن النواب والجمهور. وبحسب يديعوت، فإن ريغيف توجهت مرات عدة إلى اللواء دورون ألموغ، رئيس هيئة تطبيق الاستيطان البدوي في النقب، الذي يعتبر مندوباً شخصياً لرئيس الوزراء ومسؤولاً عن تطبيق قانون برافر، وسألته عما إذا كان هناك خريطة مرفقة بالقانون تظهر الأماكن التي سيحصل فيها البدو على الأراضي البديلة من أراضيهم التي ستنتزع منهم. وكان جواب ألموغ نفي وجود خريطة في المرحلة الحالية. إلا أنه تبين قبل أيام أن هناك وثيقة تفاهم وخريطة أعدا في أيار الماضي ويحددان مساحات ومواقع الأراضي التي ستبقى في أيدي بدو النقب والأراضي التي ستضع السلطات يدها عليها. وتظهر معطيات الوثيقة أن الدولة ستصادر من البدو نحو 250 ألف دونم، فضلاً عن تسجيلها 200 ألف دونم آخر في النقب ضمن الدوائر العقارية، فيما سيحصل البدو في المقابل على 170 ألف دونم كتعويض من أجل السكن والاستخدام.
وتحمل الخريطة والوثيقة صفة رسمية بسبب وجود توقيع كل من ممثل نتنياهو، يعقوب عميدرور، وهو مستشار الأمن القومي، ووزير الإسكان، أوري أريئيل، عليها. وتعد الوثيقة مع الخريطة المرفقة اتفاقاً ضمنياً من رئاسة الوزراء ووزارة الإسكان لتطبيق قانون برافر، برغم أن المعطيات الواردة فيهما لا يلحظها نص القانون. وتتحدث الوثيقة عن تشكيل لجنة وزارية برئاسة نتنياهو وعن تقليص فترة تطبيق القانون من 5 سنوات إلى 3. ووفقاً لما تبين، فإن الوثيقة والخريطة المرفقة عُرضا على اللجنة الوزارية التي أقرت مشروع قانون برافر، إلا أنه تم إخفاؤهما عن أعضاء لجنة الداخلية في الكنيست برغم أنهما يتضمنان اختلافات جوهرية عن نص القانون، ما يوحي بأن الخطة المضمرة لدى الحكومة كانت إمرار القانون في الكنيست وفقاً لصيغة ضبابية وعامة تظهر حرصاً شكلياً على البدو وممتلكاتهم ليصار عند تطبيقه إلى تنفيذ مخطط مسبق لتجريدهم من قسم كبير من أراضيهم يفيض عما يلمح إليه القانون.
وعدّت رئيسة لجنة الداخلية، ميري ريغيف، التستر على الوثيقة والخريطة محاولة لتضليل النواب قبل تصويتهم على القانون. وفي أعقاب الكشف، أعلنت هيئة تطبيق الاستيطان البدوي في النقب أن مبادئ الوثيقة نشرت في السابق وأنها ستوضع على طاولة لجنة الداخلية أثناء مداولاتها حول القانون.