بالتزامن مع الثناء الذي اغدقه على كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، لجديتهما في السعي للتوصل الى اتفاق، أكد وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، أنه لم يطرأ أي تغيير على موعد محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، معلناً أن «هدفنا التوصل الى اتفاق وضع نهائي بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، لا إلى اتفاق مرحلي».
وفيما بدا متجاوزاً حقيقة أن اتفاق اوسلو كان ايضاً محطة مرحلية، مر عليها اكثر من 20 عاماً حتى الآن، باتجاه اتفاق نهائي، قال كيري إن الخبير العسكري الأميركي الجنرال جون الان، قدّم إلى الرئيس الفلسطيني خطته للترتيبات الأمنية في الضفة الغربية ضمن اتفاق سلام مستقبلي. واشار الى انه «قدم الطرق التي يعتقد انه يمكن من خلالها تحقيق الأمن، سواء لاسرائيل او الدولة الفلسطينية»، مضيفاً إن «الأمن هو موضوع مفتاح كل الناس في المنطقة نفهم فيها التهديدات المحدقة باسرائيل».
وبالتزامن مع تقارير اسرائيلية سابقة أكدت أن كيري مارس الضغوط على السلطة عبر التلويح بتأجيل تحرير الدفعة الثالثة من الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية، أعلن كيري أن «الافراج عن الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين سيجري في 29 الجاري».
لكنّ صحيفة «هآرتس» ذكرت أن خلفية طلب كيري تأجيل الدفعة الثالثة من الأسرى، هي الخشية من ان يعلن نتنياهو عن موجة جديدة من بناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات، الأمر الذي يمكن ان يؤدي الى تفجير المفاوضات. واضافت انه لهذه الغاية اقترح دمج الدفعتين الأخيرتين، الثالثة والرابعة، للقيام بها بالتوازي مع «اتفاق الاطار» وفق الصيغة التي ينوي العمل عليها مع الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني.
لكن ما ذكرته «هآرتس» يؤكد من جهة أخرى محاولة الربط بين المسألتين، لأن السؤال في هذا المجال هل كان سيُطلَق الاسرى لو لم يجرِ التوصل الى اتفاق اطار.
في كل الأحوال، رفض الفلسطينيون على نحو تام، بحسب «هآرتس» أيضاً، اقتراح كيري، مشددين على أنه إذا لم يُحرَّر الاسرى الفلسطينيون في الموعد المحدد، فسيرون أنفسهم أحراراً بالعودة الى المسارات الأحادية في الامم المتحدة.
من جهة أخرى، وعلى خط مواز لمساعي كيري، يعمل الاتحاد الأوروبي على مواكبته باقتراحات يحاول من خلالها ممارسة سياسة العصا والجزرة. وعلى هذه الخلفية، نقلت «هآرتس» عن دبلوماسي أوروبي رفيع المستوى قوله إن الاتحاد الأوروبي سيمنح اسرائيل والسلطة رزمة مساعدات لم يسبق لها مثيل في حال توقيعهما اتفاقية سلام، كما ستقوم دول الاتحاد برفع مستوى علاقاتها معهما الى اعلى مستوى قائم مع دول ليست في الاتحاد الأوروبي.
وأشارت الصحيفة الى انه من المتوقع ان ينشر وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي هذا الاقتراح بعد غد الاثنين، بعدما جرت الموافقة عليها أول من أمس، خلال جلسة اللجنة السياسية الأمنية التابعة للاتحاد في بروكسل بمشاركة سفراء الدول الاعضاء في الاتحاد، وعددها 28 دولة.
وأضافت «هآرتس» إن مسودة القرار تشمل تعزيز فرص التوصّل الى السوق الأوروبي، وتوطيد العلاقات الثقافية والعلمية، وتعزيز التجارة والاستثمار من جانب الشركات الأوروبية، وتشجيع التعاون في القطاع الخاص في الاتحاد الاوروبي مع القطاع الخاص في اسرائيل وفلسطين، ورفع مستوى الحوار السياسي والتعاون الأمني.
وكتبت «هآرتس» في هذا السياق أنه فضلاً عن رزمة المحفّزات الأوروبية التي تقدر بمليارات اليوروات، فإن الحديث يدور عن رفع مكانة إسرائيل الدولية بطريقة تخرجها من العزلة الدولية، إضافة إلى ضمانات أمنية في قضايا استراتيجية مثل «إيران والحرب على الإرهاب والتعاون الاستخباري».
ولفتت الصحيفة نفسها الى ان الهدف من رزمة المساعدات تشجيع الطرفين على اتخاذ قرارات صعبة وضرورية من أجل التوصل الى اتفاق سلام. ونقلت عن المسؤول الاوروبي تأكيده، أن القرار وُضع بالتنسيق مع وزير الخارجية الاميركية، مشيرة الى ان الاقتراح قدّمه وزراء خارجية كل من المانيا وبريطانيا وفرنسا واسبانيا وايطاليا.
في سياق متصل، تناولت صحيفة «معاريف» القضية من زاوية اخرى، اشارت فيها الى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سينددون بالبناء في المستوطنات، وسيتهمون إسرائيل بعرقلة عملية السلام.
وفي الوقت نفسه، نقلت «معاريف» عن مصادر سياسية اسرائيلية قولها «إنّ الاتحاد الأوروبي سيندد بشدة بالاستيطان، وان إسرائيل ستتعرض في الأشهر الأولى من العام المقبل لضربات اقتصادية وسياسية بسبب الاستيطان».
وكان الرئيس الفلسطيني قد رفض الخطة الأمنية التي تنص على إبقاء وجود عسكري إسرائيلي في غور الأردن، لمدة 10 أعوام، ومن ثم يجري تدريجياً تسليمه للسلطة، طالباً أيضاً تمديد فترة المفاوضات، حسبما أفاد مسؤول فلسطيني قريب من الملف، مؤكداً «رفض عباس الأفكار الأمنية» التي عرضها كيري.