تسارعت أمس وتيرة المساعي الغربية لتحريك المفاوضات المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وبينما جدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في اليوم الثاني من جولته في الشرق الأوسط، دعوته لإسرائيل إلى المساهمة في «إنشاء ديناميكية إيجابية» مع الفلسطينيين لإتاحة استمرار العلاقات بين الطرفين، بحث المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط ديفيد هيل مع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة عملية السلام، في حين اقترح موفد اللجنة الرباعية، طوني بلير، رزمة إجراءات ثقة على إسرائيل للقيام بها تجاه الفلسطينيين، على أمل تسهيل العودة إلى طاولة المفاوضات. وفي لقاء في القدس المحتلة جمعه مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن أمله بالتمكن من مواصلة «اللقاءات الاستكشافية» التي جرت في الأردن ولم تحقق نتيجة ملموسة. أما خلال اجتماعه برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فدعا القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية إلى مواصلة المفاوضات المباشرة بينهما، وذلك بعدما اعتبر استمرار البناء في المستوطنات عقبة في طريق تحقيق السلام. كذلك رأى أن على إسرائيل تقديم تصوراتها بشأن ملفّي الأمن والحدود حتى نهاية العام الجاري.
من جهته، فضّل الرئيس الإسرائيلي التركيز في حديثه على إيران، لافتاً إلى أن الدولة العبرية «تتوقع من المجتمع الدولي ألّا يغض الطرف تجاه التهديد الداهم من إيران». أما رئيس الوزراء الإسرائيلي، فأكد «أن إمكان فرض تجميد جديد على البناء في المستوطنات يعود إلى إطار التفاوض، وأنه (التجميد) لا يمكن أن يكون شرطاً مسبقاً لإجرائه (التفاوض)»، لافتاً إلى أن «الاعتراف العربي والفلسطيني بإسرائيل مع تسوية قضية التدابير الأمنية هما القضيتان الأساسيتان»، وأن «السبب للصراع هو رفض الاعتراف بإسرائيل دولة الشعب اليهودي على أيّ حدود».
على الضفة الأخرى، استبق الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقاءه بالأمين العام للأمم المتحدة بالتأكيد أن التعنّت الإسرائيلي ورفض الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية ووقف الاستيطان هي التي سدّت الطريق أمام كل المحاولات لإحياء عملية السلام وبدء المفاوضات المباشرة.
وشدد عباس، خلال استقباله وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، على استعداد الجانب الفلسطيني للعودة إلى طاولة المفاوضات فور إعلان إسرائيل قبولها مبدأ حل الدولتين ووقف الاستيطان. أما الخيارات المتاحة في ظل استمرار التعثّر في محادثات السلام، فأكد رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض أن حل السلطة الفلسطينية ليس من بينها، مشيراً إلى أن السلطة الفلسطينية «ليست هدية من أحد، ولا أحد يتحدث عن حلها»، فيما ظهر أمس وجود تناقض في تصريحات أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بشأن مسألة طلب الانضمام إلى المنظمات الدولية.
وفي موازاة لقاءات الأمين العام للأمم المتحدة مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين، أعلن مصدر رسمي أردني أن المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط بحث مع وزير الخارجية الأردني أمس «آخر التطورات والمستجدات والجهود المبذولة على مسار عملية السلام»، معرباً عن «دعم الولايات المتحدة الأميركية وتقديرها لجهود الأردن لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة».
وفي السياق، أفاد مصدر مقرّب من المحادثات بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأن موفد اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط، طوني بلير، اقترح رزمة إجراءات ثقة على إسرائيل للقيام بها تجاه الفلسطينيين، على أمل تسهيل العودة إلى المفاوضات تتضمن قسمين، الأول ينفذ فوراً والثاني ينفذ في آذار المقبل.
ومن بين الإجراءات التي يفترض أن تطبّق فوراً «السماح بفتح عدد محدود من مكاتب الشرطة الفلسطينية في مناطق (ب) الخاضعة لسيطرة أمنية فلسطينية ـــ إسرائيلية مشتركة، مع إعطاء السلطات المدنية بشكل كامل للجانب الفلسطيني»، فضلاً عن تسهيل حرية الحركة للفلسطينيين في منطقة غور الأردن.
أما الإجراءات التي يفترض أن تطبّق الشهر المقبل، فأبرز ما فيها «السماح للسلطة الفلسطينية بتطوير آبار الغاز في البحر الأبيض المتوسط الواقعة قبالة شواطئ قطاع غزة»، وتخفيف دخول الجيش الإسرائيلي الى مناطق (أ) إلى جانب تنظيم آليات عوائد الضريبة للسلطة الفلسطينية.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)