الخرطوم | فى وقت تبدو فيه الحكومة السودانية بحاجة ماسة إلى كل ما له علاقة من قريب أو بعيد بكلمة «مساعدات»، في ظل ما تعيشه البلاد من أزمات متراكمة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً، أعلن المؤتمر الوطني الحاكم رفضه الصارم للتلويحات الأميركية بتقديم مساعدات للخرطوم، وفي مقدمها إعفاء الحكومة من جزء من ديونها الخارجية.
ولعل الموقف الرافض من قبل الحكومة السودانية، بالرغم من الضائقة التي تمر بها، مبني على التخوف من الشروط والإملاءات غير المعلنة المصاحبة لهذه المساعدات، والتي وصفها وزير المال السوداني، علي محمود، بـ«القاسية».

وفي هذا السياق، يمكن وضع الزيارات التي قام بها عدد من المسؤولين الأميركيين للخرطوم في الآونة الأخيرة، وفي مقدمهم المبعوث الخاص الأميركي في السودان، برينستون ليمان، ومبعوث أوباما الجديد لإقليم دارفور، دين سميث. كما استقبلت العاصمة السودانية في الوقت ذاته نائب وزير الخزانة الأميركي المكلف بمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط، أندرو باكول. وسبقت كل هؤلاء زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون المجتمعات المسلمة، فرح بانديت، للخرطوم.

وكانت اللقاءات التي أجراها المبعوث الخاص الأميركي إلى السودان، برينستون ليمان، الأكثر إثارة لاهتمام المراقبين. وهدفت مساعي ليمان إلى التعرف على موقف الخرطوم النهائي في ما يتعلق بعدد من الملفات العالقة، مثل العلاقة مع دولة جنوب السودان، والحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، ومسألة دارفور. وفيما أكد البمعوث الأميركي أن مباحثاته مع المسؤولين الحكوميين جاءت بغية إعداد تقرير مفصل سيقدمه إلى الإدارة الأميركية نهاية الشهر الجاري، كشفت مصادر خاصة لـ«الأخبار» أن ليمان قدّم للخرطوم مقترحاً تضمن حزمة من المساعدات، على رأسها إلغاء الديون الحكومية الأميركية المترتبة على السودان، بشرط موافقة الخرطوم على السماح بعملية إغاثة واسعة ترعاها الأمم المتحدة في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، إلى جانب تعهد الحكومة السودانية بإجراء استفتاء أبيي في شهر آب المقبل، وتحديد مستقبل الأوضاع السياسية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.

وأكدت مصادر الخارجية السودانية صحة هذه المعلومات، لكنها رفضت تقديم مزيد من التفاصيل عنها، مكتفيةً بالقول إن المبعوث الأميركي «سلّم بالفعل الحكومة السودانية مذكرة بهذه المقترحات، ولا يزال ينتظر رد الخرطوم عليها».

أما المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، فقد استبق ردود فعل الدوائر الدبلوماسية وتساؤلاتها، وأعلن رفضه لأي شروط أميركية لتحسين العلاقات بين البلدين. وقال أمين التعبئة السياسية في الحزب الحاكم، حاج ماجد سوار، «نحن لن نقبل باشتراطات أو إملاءات من الإدارة الأميركية، لأن هذه الأخيرة هي الراغبة في تحسين العلاقات، وليس العكس». ووصف التعامل الأميركي مع بلاده بأنه لا يخلو من نوع من «الاستغفال»، مضيفاً «إن بلادنا لن تحتاج إلى أي تزكية أو حوافز مشروطة».