أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أمس، أن موسكو لاحظت حصول بعض التغيرات في موقف الشركاء الغربيين بشأن الوضع في سوريا باتجاه أكثر واقعية، إلا انه غير كاف للخروج من الأزمة الحالية، في وقت اقترحت فيه فرنسا أمس استصدار بيان من مجلس الامن الدولي يؤيد بقوة جهود مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان لإنهاء العنف في سوريا، بحسب ما أفاد به دبلوماسيون.
وقال أحد الدبلوماسيين إن «الهدف الآن هو إيجاد أرضية مشتركة وإرسال رسالة قوية إلى النظام السوري». وقال الدبلوماسي إن أنان ذكر انه يريد من المجلس ان يوافق على بيان يدعمه في أقرب وقت ممكن. ومن المقرر ان يجتمع مجلس الامن اليوم في محاولة للاتفاق على إقرار البيان الرئاسي الذي يتلوه رئيس المجلس ويدوّن في سجلات الأمم المتحدة الرسمية.
يأتي ذلك فيما اعلن المتحدث باسم أنان، أحمد فوزي، ان بعثة الخبراء الدوليين الخمسة التي أوفدها أنان إلى دمشق «وصلت بالفعل» الاثنين في محاولة لوقف اعمال العنف الدامية في هذا البلد. وأضاف فوزي أن «زيارة أنان المقبلة لسوريا ستكون رهناً إلى حد كبير بالتقدم الذي يحرز» خلال المحادثات بين خبراء الامم المتحدة والسوريين.
وكشف مصدر دبلوماسي لـ«الأخبار» أنه حتى الآن لا توجد رؤية للطبيعة الكلية للتسوية التي يقترحها أنان. وقال المصدر ان المبعوث الأممي كان واجه أسئلة تستقصي جلاء غموض مهمته وآلياتها، وذلك عندما تحدث من مكتبه في جنيف مع مندوبي مجلس الامن. وبحسب المصدر عينه، كشف أنان لمندوبي دول مجلس الامن انه سيقوم بزيارة سوريا عند الحاجة، ما أوحى انه يعتزم اتباع سياسة مفاوضات مكوكية مع الأسد، يتدخل فيها شخصياً كلما واجهت مهمة مبعوثيه عقبات.
وكشف المصدر عينه أن أنان خرج من لقائه بمندوبي مجلس الامن بشأن جدية الدعم الدولي له، وخاصة من قبل الدول الدائمة العضوية في المجلس، ما قاده إلى جولة مشاورات بدولهم بعيدة عن الاضواء، أسفرت عن تفاهمه معهم على ثلاث ضمانات والتزامات محددة، وفّرت له إكمال مهمته التي انطلقت أمس بزيارة فريق مبعوثيه لدمشق. المبدأ الاول يقوم على التعهد بمدّه برسالة ترمز إلى دعم مجلس الامن لمهمته، وبالفعل بدأ العمل لإصدار بيان عن مجلس الامن لدعم مهمته. والمبدأ الثاني إعطاؤه الوقت الكافي لاختبار ما اعلنته الحكومة السورية لجهة استعدادها للتعاون مع مهتمته، علماً بأن آلية المراقبة تهدف إلى وقف العنف من جميع الاطراف. والمبدأ الثالث يقوم على توفير دعم لمهمته في عديد الموظفين والموارد.
بدورها، وجهت وزارة الخارجية السورية رسالة إلى رئيس مجلس الامن والامين العام للامم المتحدة ومنظمة الامم المتحدة للتعاون الاسلامي ورئيسة مجلس حقوق الانسان والمفوضة السامية لحقوق الانسان تتعلق بالأعمال «الإرهابية المجرمة» التي شهدتها مدينتا دمشق وحلب خلال اليومين الماضيين.
في هذا الوقت، دعت روسيا أمس سوريا إلى الموافقة «فوراً» على طلب اللجنة الدولية للصليب الاحمر إعلان هدنة يومية، كما أعلن رئيس هذه اللجنة جاكوب كيلنبرغر إثر لقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، «دعا الطرفان الحكومة السورية والمجموعات المسلحة إلى الموافقة فوراً على هدنة يومية للسماح للجنة الدولية للصليب الاحمر بالوصول إلى الجرحى والمدنيين الذين يتعيّن نقلهم». وأضاف البيان ان روسيا «أشارت إلى ضرورة تأمين وصول اللجنة الدولية للصليب الاحمر إلى كل المعتقلين في سوريا إثر الاحتجاجات».
وكانت اللجنة الدولية للصليب الاحمر أعلنت في وقت سابق أمس أن رئيسها حصل في موسكو على «مؤشرات دعم إيجابية» رداً على طلبه إعلان هدنة يومية من ساعتين «في كل المناطق التي تشهد أعمال عنف» في سوريا. وأجرى كيلنبرغر محادثات في موسكو مع لافروف دامت ساعة ونصف الساعة.
وفي تطور ميداني لافت، أعلن طاقم الأسطول الروسي في البحر الأسود، أمس، عن وصول سفينة روسية تحمل وحدة من مشاة البحرية الروسية لمكافحة الإرهاب إلى ميناء طرطوس السوري. ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية عن طاقم الأسطول «أن ناقلة النفط إيمان أبحرت بنجاح من سيفاستوبول إلى الساحل السوري، وهي موجودة في ميناء طرطوس لإتمام مهمتها. ويتألف فريق مكافحة الإرهاب الذي نقل على متن السفينة من مشاة البحرية الروسية. ورجحت مصادر أمنية مطّلعة أن الخطوة الروسية تهدف إلى حماية نقاط استراتيجية في العاصمة السورية وغيرها من محاولة استهدافها، حيث تلقّت أجهزة الاستخبارات الروسية معلومات عن أن أجهزة استخبارات عربية وضعت المصالح الروسية على قائمة أهداف المنظمات الإرهابية التي تدعمها، والتي سبق لكوادر منها أن قاتلوا في الشيشان بعدما تسللوا من أفغانستان. وفي رد فعل على معلومات ذكرتها محطات تلفزيونية عربية عن وصول «قوات خاصة روسية» إلى طرطوس، أكدت وزارة الدفاع الروسية أن هذه القوات هدفها حماية ناقلة النفط إيمان، وأنه لا يوجد أي سفينة حربية في مهمة في سوريا.
ميدانياً، أفادت قناة الاخبارية السورية أمس بأن «مجموعة إرهابية مسلحة» اختطفت رئيس النيابة العامة في معرة النعمان التابعة لريف إدلب، فيما وقعت عمليات عسكرية واشتباكات مع منشقين أدت إلى مقتل 26 شخصاً في أنحاء عدة من سوريا. وقال شهود إن عشرات من الدبابات السورية دهمت أمس مدينة دير الزور لاستعادة أحياء رئيسية من المجموعات المسلحة.
إلى ذلك، جدد الرئيس بشار الأسد بموجب مرسوم الاثنين «فترة الترشح لانتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الاول لعام 2012 لمدة أسبوع، ابتداءً من 22 آذار» حسبما ذكرت وكالة (سانا). وستجرى انتخابات مجلس الشعب في السابع من أيار.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)