وُلدت هناء الشلبي في السابع من شباط عام 1982. وهي من قرية برقين قضاء جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة. لكنها تنحدر مع عائلتها «اللاجئة» من مدينة حيفا. هي عزباء، اعتُقلت على مدار عامين ونصف في سجون الاحتلال خلال المرّة الأولى من الاعتقال. وهذه هي المرّة الثانية التي تدخل فيها الى السجن، لكن قرّرت أن هذه المرّة ستكون معركتها مختلفة تماماً عن سابقتها. خبرت هناء جيداً سجون الاحتلال، ومعنى الاعتقال، والتحقيق المتواصل لعدة أيام وأساليبه من التحرش الى كافة الوسائل الدنيئة، التي يستخدمها الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين عموماً، والأسيرات خصوصاً. في الرابع عشر من أيلول عام 2009، اعتُقلت هناء شلبي للمرة الأولى، وصادف ذلك حلول شهر رمضان المبارك. وحينها خضعت لتحقيق مكثف على مدار ثمانية أيام، في مركز تحقيق «الجلمة» بمعدل عشر ساعات متواصلة. تعرضت خلالها للضرب والإهانة على أيدي الجنود والمحققين. لم تكن هناء تعرف الوقت، كذلك لم تتناول الطعام لكونها صائمة.
وكانت تكتفي فقط بشرب الماء بعد انتهاء جلسات التحقيق في ساعات متأخرة من الليل، ذلك أن طاقم التحقيق لم يراع صيامها ولم يزودها بوجبة الإفطار والسحور في مواعيدها. وخلال تلك الفترة من التحقيق، احتُجزت 17 يوماً في زنزانة صغيرة، وقذرة ومعتمة، لا تحتوي إلا على سرير ومرحاض مهين. «جان دارك» الفلسطينية، كما يسميها المتضامنون معها، أكّدت حينها أن أحد المحققين تحرش بها لفظياً بعد انتهاء إحدى جلسات التحقيق، بمناداتها «حبيبتي» قاصداً إهانتها، الأمر الذي أثار غضبها، ودفع المحقق الى إعطاء الأوامر للجنود بضربها على وجهها وجسدها، وقاموا بتكبيلها في سرير الزنزانة، قبل أن ينهالوا عليها بالشتائم النابية وتصويرها وهي مكبلة بالسرير.
أمضت هناء 25 شهراً متواصلة رهن الاعتقال الإداري، إلى أن أفرج عنها ضمن صفقة التبادل «وفاء الأحرار» في 18 تشرين الأول من العام الماضي، ضمن الدفعة الأولى. وفي 16 شباط للعام الحالي، أعادت قوات الاحتلال اعتقالها من داخل منزلها في الضفة بعد محاصرة الحي الذي تقطن فيه عائلتها ودهم بيوت أخوتها ووالديها. غادرت هناء منزلها مقيدة بالسلاسل، من دون أن يسمح لها بوداع أفراد عائلتها، ودون إبلاغ أهلها بوجهة نقلها، واقتيدت معصوبة العينين طوال الطريق، إلى أن وصلت إلى مركز توقيف سالم قرب جنين. وفي اليوم نفسه، أعلنتها معركة ضدّ الاحتلال عبر الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام.
فادي...