غزة | بدأت إسرائيل، أمس، ضخ 450 ألف لتر من «السولار» الصناعي لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، والمتوقفة عن العمل منذ منتصف شهر شباط الماضي، في الوقت الذي شُغلت فيه كل من حركتي «فتح» و«حماس» في المناكفة وتوظيف معاناة الناس لمصالح فئوية. وقال رئيس هيئة المعابر والحدود في السلطة الفلسطينية في رام الله، نظمي مهنا، إن إدخال الوقود لقطاع غزة جاء «بفضل جهود حثيثة من الرئيس محمود عباس وبمساعدة الأشقاء في مصر مع إسرائيل للتخفيف عن سكان قطاع غزة، في ظل أزمة نقص الوقود وانقطاع التيار الكهربائي».

وكان في استقبال شاحنات الوقود المورد عبر معبر كرم أبو سالم الخاضع للسيطرة الإسرائيلية، مسؤولون فنيون من سلطة الطاقة في غزّة، وجرى تحويل الشاحنات بعدها إلى محطة توليد الكهرباء. وأكد مسؤول العلاقات العامة في سلطة الطاقة في غزة، أحمد أبو العمرين، أن كمية الوقود المورّدة تكفي لتشغيل 3 توربينات في محطة توليد الكهرباء ليوم واحد فقط.
بدورها، أعلنت حركة «حماس»، التي تُسيطر على القطاع الساحلي المحاصر منذ منتصف حزيران 2007، أن إدخال الوقود جاء بفضل «جهودها وجهود الحكومة التي تديرها في غزة عبر اتصالات ولقاءات يومية وعلى مدار الساعة مع المسؤولين المصريين لتشغيل محطة توليد الكهرباء». وقال المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري، في بيان صحافي، إن «الجهود متواصلة لتوفير حل جذري لهذه الأزمة».
وصبّ عشرات الآلاف من أنصار حركة «حماس» في مسيرات حاشدة دعت إليها الحركة في قطاع غزّة عقب صلاة الجمعة، جام غضبهم على السلطة الفلسطينية في رام الله «وأطراف أخرى» وحمّلوها مسؤولية أزمتي الوقود والكهرباء.
وأكد عضو المكتب السياسي لحركة «حماس»، خليل الحية، أن لدى حركته «محاضر اجتماعات تثبت بلورة قيادات أميركية وإسرائيلية وأمنية عربية وقيادات من سلطة رام الله لمؤامرة لخنق قطاع غزة وتشديد الحصار عليه». وقال أمام المتظاهرين في مدينة غزة، إن «هؤلاء اجتمعوا مراراً في الفترات الأخيرة تحت عنوان «واقع غزة وسبل الحصار المشدد عليها» (وتدارسوا) واقع غزة الذي أصبح الناس فيها آمنين والعيش فيه رغيداً، واقتصادهم وحياتهم جيدة إلى حد ما، والناس من حولنا يأتون من أقاصي الدنيا ليقفوا معنا، فأرادوا أن يستبقوا الأحداث، ليغيروا واقع غزة، ودرسوا ماذا يفعلون والزمن يمرّ في مصلحة المقاومة وبرنامجها، في الوقت الذي يتوارى فيه برنامج التسوية ويصل إلى طريق مسدود، وإذا بهم يتآمرون من جديد».
وتوعّد الحية بأن «يأتي يوم نعلن هذه المؤامرة، بالأسماء وبالدول وبمن حضر، لكني أقول لهم: لقد انكشفت مؤامرتكم وبان إفككم، يا من تتباكون على المصالحة، أنتم تظنون أن «حماس» ذهبت للمصالحة من ضعف. أنتم والله واهمون، بل نحن في أشد مواقعنا في القوة». واتهم نشطاء حركة «فتح» في غزّة ببث الشائعات وإثارة الأزمة وتحميلها لحركة «حماس» عبر أحاديث في السيارات العمومية ومجالس العائلات، لافتاً إلى امتلاك «حماس» «تعميماً داخلياً» وزّعته «فتح» على عناصرها يدعو لمسيرات تبدو عفوية وصولاً إلى «العصيان المدني لإسقاط حكم حماس».
وبدأت أزمة نقص الوقود منذ نهاية كانون الأول بتراجع كميات توريده عبر أنفاق التهريب مع مصر، قبل أن يأخذ منحى تصاعدياً وصل إلى حدّ نفاده بنحو شبه كلّي من محطات تعبئة الوقود، وهو ما أدى إلى توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع في 14 شباط الماضي.
بعد هذا الهجوم الحمساوي، جاء الردّ الفتحاوي على لسان المتحدث باسمها أحمد عساف، الذي قال: «نرى أن ما جرى وما قيل في غزة انقلاب على المصالحة، وتهديدات مباشرة بحق قيادات وكوادر مناضلي الحركة في غزة». واعتبر اتهامات الحية حول مؤامرة دولية لتشديد الحصار على غزّة «افتراءات وأكاذيب لا أساس لها من الحقيقة». وقال ساخراً: «هم يدعون أن هناك وثائق لاجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، نحن لم نعطهم هذه الوثائق فكيف حصلوا عليها، هل من الإسرائيليين أم الأميركيين؟». كذلك نفى أن يكون هناك تعميم داخلي من فتح بغزة يحرض على «حماس»، وقال «هذا كذب». وأضاف: «الحقيقة الواضحة أن السلطة تدفع 120 مليون دولار شهرياً لغزة، وأنها دفعت 7 مليارات دولار في غزة منذ الانقلاب». وقال إن «حماس لا تريد أن تدفع شيئاً، وإنما تريد جباية الأموال وأن تصرف على قواتها على حساب السلطة وعلى حساب شعبنا في غزة». وتابع: «أقول هذا الصراخ (الذي ظهر في مسيرات حماس بغزة) لو ركّب على مولدات لأضاءت غزة».