القاهرة | على وقع الانسحابات المتوالية منها والمطالبات بإعادة عملية انتخاب أعضائها، تنعقد غداً أولى جلسات الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور المصري في مقر مجلس الشعب، بدعوة من رئيس المجلس محمد سعد الكتاتني، الذي انتُخب في الجمعية إلى جانب كل من رئيس مجلس الشورى، أحمد فهمي من الحرية والعدالة، وزعيم الأغلبية البرلمانية حسين إبراهيم والقادة في الإخوان، محمد البلتاجي، وعصام العريان، وصبحي صالح، ضمن 50 نائباً من داخل البرلمان، بينهم 11 من حزب النور السلفي و25 من الحرية والعدالة، وثلاثة من أحزاب إسلامية أخرى. بيدهم لا بيد غيرهم، ورّط الإسلاميون أنفسهم في الأزمة، بعدما أصروا على أن يحتكروا كتابة الدستور بأغلبيتهم في البرلمان، لتسجل الساعات التي تلت اختيار الأعضاء الذي يفترض أن يشاركوا في صياغة الدستور انسحابات متوالية ويصبح على أثرها مصير الجمعية التأسيسية أمام مستقبل مجهول، ولا سيما أن الانسحابات تترافق مع 20 دعوى مرفوعة أمام القضاء الإداري لبتّ بطلان قرار «اختيار نصف أعضاء الجمعية التأسيسية من داخل البرلمان».
الإسلاميون في الجمعية تجاوز تمثيلهم 75 في المئة من الأعضاء من داخل البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى، بينما مثل نفس التيار من خارج البرلمان بقرابة 40 في المئة، بخلاف عدد من الأعضاء لا ينتمون إلى التيار الإسلامي تنظيمياً، لكنهم متعاطفون معه.
أما الأحزاب المدنية والمستقلون فردوا على هذه السيطرة بالانسحاب من المشاركة في الجمعية، رافضين أن يتحولوا إلى ديكور غير مؤثر داخل اللجنة.
وأعلن حزبا التحالف الشعبي والكرامة، في وقت متأخر من مساء أول من أمس، انسحابهما رسمياً من المشاركة في عضوية الجمعية لينضما إلى أحزاب المصريين الأحرار والمصري الديموقراطي الاجتماعي، وحزب الاشتراكي المصري. كذلك توسعت قائمة المستقلين والشخصيات العامة التي أعلنت استقالتها، وآخرهم النائب المستقل عمرو حمزاوي، والطبيب أحمد حرارة، أحد مصابي ثورة 25 يناير، بالإضافة إلى نقيب المحامين سامح عاشور.
في هذه الأثناء، يجري عدد من النواب مفاوضات مع أعضاء اللجنة المنسحبين لدفعهم إلى العدول عن قرارهم. وقال عضو لجنة صياغة الدستور، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الوسط، النائب عصام سلطان، لـ«الأخبار»: «نحاول مناقشة مطالبهم للوصول إلى حل وثنيهم عن القرار، ولا يوجد ما يمنع الحوار والنقاش وإعادة النظر مع المختلفين»، لافتاً إلى أنّ «من المنتظر أن تنتهي تلك الاجتماعات بنتائج إيجابية قريباً». وهو نفس ما أكده النائب محمد البلتاجي، القيادي في حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان، إذ تحدث عن أن النقاشات مستمرة مع المنسحبين من الجمعية، لإعادتهم إليها مرة أخرى.
المنسحبون أرجعوا قرارهم إلى سيطرة تيار واحد على الجمعية، فضلاً عن وجود أخطاء إجرائية وقعت خلال انتخاب الجمعية التأسيسية، وإعداد حزب الحرية والعدالة كشفاً مسبقاً بأسماء أعضاء الجمعية وتوزيعه على النواب قبل الانتخاب. كذلك يتحدث المنسحبون عن اكتشاف أن من نجحوا في التأسيسية هم نفسهم من ذكروا في كشف الإخوان، وهو ما يعني أن انتخابات أعضاء الجمعية كانت «مجرد تمثيلية لا فائدة منها». مسألة الكشف، الذي وُزَِّع قبل الانتخاب، اعترف بها البلتاجي، لافتاً إلى أن «هذه طريقة معمول بها في أي انتخابات وليس فيها عيب، فيما نفى حديث المنسحبين عن حدوث أخطاء إجرائية».
وبينما تتوالى الانسحابات، تنظر محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة اليوم في 20 دعوى قضائية تطالب بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية من خارج البرلمان لمخالفتها الأعراف الدستورية، التي تفيد بأن يشارك المجتمع بكل طوائفه في صياغة الدستور، لا أن تكتبه أغلبية برلمانية قد تتغير بعد فترة. كذلك يحاجج أصحاب الدعاوى أن البرلمان خالف المادة 60 من الإعلان الدستوري التي نصت على أن «يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلس شعب وشورى في اجتماع مشترك بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم لانتخاب جمعية تأسيسية من مئة»، وسمحوا لنفسهم بنسبة 50 في المئة من اللجنة التأسيسية، بغير ما تنص المادة. وهو ما رد عليه النائب عصام العريان القيادي في حزب الحرية والعدالة، بالقول: «سيحسم القضاء الخلاف بيننا». كذلك أكد لـ«الأخبار» أن المادة 60 في الإعلان الدستوري لم تحدد نسبة مشاركة البرلمان فى الدستور، لافتاً إلى أن معظم دساتير العالم لم تمنع أعضاء البرلمان من المشاركة في اللجنة التأسيسية للدستور.