القاهرة | ثماني ساعات متواصلة انتهت إلى لاشيء، إذ انتهى اجتماع مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، أمس، الذي كان مخصصاً لحسم الجدل إزاء مرشح الإخوان لرئاسة الجمهورية، إلى تأجيل حسم القضية، وذلك حتى الثالث من نيسان المقبل، بعد سياج من السرية فرض على المناقشات التي تخللها مغادرة رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، محمد مرسي، لحضور اجتماع رئيس المجلس العسكري حسين طنطاوي مع قيادات الأحزاب. وجاء التأجيل ليعيد تسليط الضوء على ما تسرّب من خلافات حادة داخل الكيان العملاق بشأن الموقف من انتخابات الرئاسة، إذ أبقى مجلس الجماعة الخيارات الثلاثة السابقة لديه على حالها، وتتضمن ترشيح عضو في الجماعة، أو مساندة مرشح من خارجها، أو عدم مساندة أي مرشح.
وانحصرت الأسماء المرشحة في الصحف، لنيل تأييد جماعة الإخوان المسلمين، في رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي، الذي يشغل أيضاً منصب عضو مكتب الإرشاد، فضلاً عن رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني، ونائب المرشد العام للجماعة، خيرت الشاطر، وذلك بالرغم من وضع الأخير القانوني الذي يحول دون ترشيحه، في ظل الحكم الصادر بحقه في قضية تعود إلى عام 2006، معروفة إعلامياً بـ«بقضية ميليشيات الأزهر».
وجاءت مشاورات الجماعة بينما كان يوسف القرضاوي، أحد القيادات الروحية تاريخياً للجماعة، قد طالبها في «رسالة مفتوحة إلى الإخوان المسلمين» ونشرها على موقعه الرسمي أمس، بألا تدعم أي مرشح من صفوفها. كذلك طالب الإخوان بـ«ألا يتبنّوا موقفا معيناً، ويتركوا للشباب والأفراد التوجه حسب ضمائرهم».
وأرجع القرضاوي موقفه إلى أن ترشيح الجماعة لعضو فيها «سيفتّت أصوات الإسلاميين المرشحين»، فضلاً عن أن قرار الجماعة بدعم أي مرشح من الأعضاء فيها لا بد أن يفتح باباً لعودة أعضائها المفصولين الذين خالفوا قرارها السابق بعدم الدفع بأي من أعضائها كمرشح لانتخابات الرئاسة أو دعم أي مرشح إسلامي، ومعظمهم كان قد انضم إلى حملة دعم عبد المنعم أبو الفتوح.
وبينما كان مجلس شورى الجماعة مشغول في التباحث في مرشح رئيس الجمهورية، تجمّع أساتذة القانون الدستوري وممثّلو القوى والتيارات السياسية المختلفة وأساتذة الجامعات والكتّاب والأدباء وكبار الصحافيين وطلبة الجامعات على سلالم محكمة القضاء الإداري، أثناء النظر في 20 دعوى تطالب بإعادة تأليف الجمعية التأسيسية المخولة كتابة الدستور، مردّدين «الدستور مش أغلبية، مصر دولة مدنية»، في تعبير جديد عن رفضهم سيطرة الأغلبية الإسلامية «الإخوان والسلفيين» داخل البرلمان على الدستور.
القضاء من جانبه أجّل حسم مدى قانونية اختيار أعضاء مجلسي الشعب والشورى لنصف أعضاء الجمعية التأسيسية من داخل البرلمان إلى العاشر من شهر نيسان المقبل. إلاّ أن هذا القرار لم يترتّب عليه تأجيل انعقاد أولى جلسات الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور الجديد للبلاد المقرر لها اليوم، رغم توالي الانسحابات من جانب الأحزاب والشخصيات ذات التوجه المدني داخل الجمعية.
«الجلسة الأولى للجمعية ستكون إجرائية، ينتخب فيها رئيس الجمعية ونوابه، وستجري الاستعانة بنسخ من دساتير العالم ستوزّع على أعضاء الجمعية»، هكذا وصف سامي مهران، الأمين العام لمجلس الشعب، جلسة التأسيسية اليوم، نافياً وصول أي اعتذارات رسمية عن عضوية اللجنة إلى الأمانة العامة، باستثناء اعتذار مكتوب واحد قدمه عضو الجمعية هاني سري الدين المنتمي إلى حزب المصريين الأحرار.
أما المنسحبون من تأسيسية الدستور، فأوضحوا موقفهم أمس خلال مؤتمر «دستور لكل المصريين»، قائلين «لم ننسحب من كتابة دستور مصر، فهذا واجبنا وحقنا»، معلنين تأليف لجنة موازية تضم كل أطياف المجتمع بلا استثناء، وداعين كل من يرغب في الإسهام في كتابة الدستور إلى أن يشارك معهم فيها.
من جهته، حاول المجلس الأعلى للقوات المسلحة احتواء أزمة كتابة الدستور، فاجتمع المشير طنطاوي برؤساء 19 حزباً من الممثلين داخل البرلمان، إضافةً إلى 3 نواب من المستقلين، لمناقشة الأزمات السياسية الأخيرة التي تشهدها البلاد، وعلى رأسها أزمة «الجمعية التأسيسية للدستور»، فضلاً عن الأزمة المتفجرة بين الإخوان والمجلس العسكري بعد إصرار الأخير على التمسك بحكومة كمال الجنزوري، ورغبة الإخوان في إقالتها وتأليف حكومة ائتلافية.
والاجتماع مع المشير، الذي أعلن عدد من الأحزاب مقاطعته له، انتهى بعد خمس ساعات تقريباً، على أن يعاود المشاركون اجتماعهم مرة ثانية غداً.