الخرطوم | اعتمد الناشطون الذين دعوا إلى تظاهرة «جمعة شذاذ الآفاق»، أمس، على الخطة «ب» في التحرك، والتي ترتكز في الأساس على عدم تسمية نقاط تجمع بعينها لاحتشاد وتجمع المحتجين، وذلك خشية أن تسبقهم اليها قوات الشرطة والأمن. كما أن الناشطين أرادوا ألا تصبغ التظاهرات بصبغة حزبية. إلا أن فتيل التظاهرات اشتعل مجدداً وللأسبوع الثالث على التوالي، في مسجد السيد عبد الرحمن المهدي بودنوباوي، الذي يتبع الى طائفة الأنصار العقائدية والتي تتبع سياسياً الى حزب الأمة القومي. ووقفت عشرات من سيارات الشرطة المتوسطة الحجم وأحاطت بكل الشوارع المؤدية الى المسجد. وبدا واضحاً للعيان وقبل الوصول الى المسجد، أن عدداً كبيراً من سيارات الشرطة بلونها الأزرق، تفوق العشرين سيارة توزعت بعناية في حواري المدينة الضيقة، في انتظار ساعة الصفر التي أعلنها إمام المسجد لحظة فراغه من صلاة الجمعة. وبصورة سريعة تناهى إلى مسامع من هم خارج المسجد أصوات من هم في الداخل يرددون «الله أكبر ولله الحمد». وسرعان ما وجد ذلك النداء صدى له في الخارج قبل أن يبدأ فصل المطاردة بين الشرطة التي «في خدمة الشعب» والشعب الذي يريد الحرية والديموقراطية.
وبدا أن إرادة آلة الشرطة هي النافذة، حيث مارس منسوبو جهاز الشرطة وأفراد الأمن أقسى أنواع العنف، لم يسلم منهم حتى القابعون داخل سياراتهم الخاصة أو الذين استقلوا المواصلات العامة. فقد تعطلت حركة المرور كلياً وتفرعت جموع المصلين ناحية أزقة ودنوباوي الضيقة، حيث فتحت أبواب المنازل لتمكن المحتجين المطاردين من الولوج الى داخلها. وأصيب عدد غفير من المتظاهرين بحالة اختناق وإغماء نتيجة استخدام الشرطة للغاز المسيل للدموع.
وعلى الضفة الشرقية للنيل، قبالة مدينة امدرمان حيث مدينة بحري، شهد مسجد السيد علي الميرغني تظاهرات حاشدة. إذ طلع المصلون مرددين شعارات وهتافات تدعو إلى زوال الحكومة، لكن تمكنت قوات الشرطة التي حضرت بكثافة على غير العادة من تفريق المتظاهرين.
وربما كانت تصريحات زعيم الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني، عشية جمعة «شذاذ الآفاق» هي السبب الرئيسي وراء هذا الوجود الكثيف للشرطة، اذ هدد الميرغني بالانسحاب من حكومة القاعدة العريضة التي يشترك فيها حزبه بثلاثة وزراء ومنصب مساعد الرئيس الذي يتقلده إبن زعيم الختمية جعفر الصادق.
ولم تقتصر التظاهرات على المركز، اذ شهد أمس تظاهرات حاشدة في حلفا الجديدة في شرق السودان ومدينة الأبيض في الغرب. وللمرة الأولى، خرجت تظاهرات في مدينة دنقلا حاضرة الولاية الشمالية. كما خرج مواطنو مدينة كوستي وسط السودان. وفي السياق وجه نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ــ قطاع الشمال، عبد العزيز الحلو، رسالة إلى الشعب السوداني دعاه فيها إلى مواصلة الكفاح حتى النصر.