فيما تتوافد، تدريجاً، وفود وشخصيات معارضة سورية إلى العاصمة الروسية، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم أمس، إلى بذل كل ما يمكن لإجبار الأطراف المتنازعة في سوريا على التوصل إلى حلّ سلمي للأزمة في بلادهم، وانتقد الغرب لمحاولته الحفاظ على تأثيره في العالم العربي، تحت ستار العمليات الإنسانية وتصدير «ديموقراطية الصواريخ والقنابل».ونقلت وسائل إعلام روسية عن بوتين قوله، خلال اجتماعه مع دبلوماسيين روس، في موسكو، «نرى مدى التعارض وعدم التوازن في عملية الإصلاحات التي تجري في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

إن الأحداث المأساوية في ليبيا تقف أمام ناظرينا، ويجب عدم السماح بتكرارها ثانية في دول أخرى مثل سوريا». ورأى أن دول الغرب تتبنى غالباً سياسة أحادية الجانب في الشؤون العربية تتناقض والقانون الدولي، ورأى أن «علينا القيام بكل شيء نقدر عليه من أجل إجبار القوى المتنازعة في سوريا على التوصل إلى حل سلمي»، مشيراً إلى «أن المساعدة في مثل هذا الحوار أكثر صعوبة من التدخل العسكري الخارجي، ولكن هذا فقط يضمن تسوية طويلة الأمد وثبات تطور الأحداث في المنطقة لاحقاً، وهذا يمكن فعله في سوريا». وأضاف بوتين أن هذه هي السبيل الوحيدة لحل الأزمة السورية وضمان تطور الدولة السورية واستقرار الأوضاع في المنطقة.
وفي سياق آخر، نقلت وكالة «إنترفاكس» عن نائب مدير هيئة التعاون العسكري الروسية فياتشيسلاف جيركالن قوله، أمس، إن موسكو لن تسلّم مقاتلات أو أي أسلحة جديدة أخرى لسوريا، ما دام الوضع هناك «بلا حل». وصرح جيركالن بأن روسيا لن تسلم سوريا شحنة من الطائرات المقاتلة من طراز «ياك 130»، التي ذكرت تقارير أنه وُقِّع عقد بشأنها نهاية العام الماضي.
من ناحيته، دعا المعارض السوري ميشال كيلو، أمس، روسيا إلى الإسهام في «استقرار الوضع» في بلاده، وذلك أثناء محادثات أجراها في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وقال كيلو «إن سوريا أصبحت ساحة نزاع دولي، ونرى بصفتنا ممثلين عن القوى الديموقراطية أن من مصلحة روسيا التوّصل إلى استقرار الوضع» في سوريا. وأضاف «إننا جزء لا يتجزأ من الحوار الوطني الذي أُطلق عام 2001، للأسف لا يستجيب النظام لمطالبنا». كذلك رأى كيلو أن «العميد مناف طلاس هو الشخص المناسب لأداء دور أساسي في سوريا»، حسبما نقلت وكالة «إنترفاكس»، فيما نسبت مواقع سورية إلى كيلو قوله إن «طلاس مؤهل لترؤس حكومة انتقالية».
من جهته، دعا رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، الذي سيزور روسيا خلال الساعات المقبلة، موسكو إلى وقف تسليح النظام السوري إذا أرادت «الحفاظ على علاقات جيدة مع الشعب السوري».
في غضون ذلك، رأى وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، في مقابلة مع وكالة «رويترز» من أبو ظبي، أنه ينبغي أن يترك للشعب السوري اختيار زعيمه في الانتخابات المقررة في عام 2014. وقال صالحي «لا يوجد حاكم خالد، وفي حالة السيد بشار الأسد، فإنه بحلول عام 2014 هناك الانتخابات الرئاسية، وسيكون علينا أن ندع الأحداث تأخذ مجراها الطبيعي».
في المقابل، دعم صالحي الرئيس السوري في ما يتعلق بتأكيده على مواجهة «إرهابيين أجانب»، قائلاً يوجد «جزء كبير» من المتمردين من الجماعات المتطرفة المسلحة.
ومضى يقول «رسالتي إلى جميع البلدان التي يمكن أن تؤدي دوراً في هذا الصدد، أن تكون حذرة للغاية، وليس من الحكمة أن تؤدي الى تفاقم الوضع»، مشيراً إلى استمرار دعم طهران لخطة المبعوث الدولي كوفي أنان. كذلك أكد ضرورة إعطاء أنان «فرصة كافية ليكون قادراً على المضي قدماً» في تطبيق خطته. وأضاف «نحن نؤيّد فكرة جلوس الحكومة والمعارضة معاً لإيجاد مخرج».
من جهته، قال وزير الخارجية الهولندي يوري روزنتال أنه بحث مع نظيره البريطاني وليام هيغ، تشديد العقوبات على سوريا، فيما أكدت السعودية ضرورة إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً عاجلاً، تحت الفصل السابع، يلزم النظام السوري التخلي عن الخيار الأمني وقبول النهج السياسي لحل الأزمة.
ميدانياً، يستمر القصف على أحياء في مدينة حمص، في محاولة لاقتحامها، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فيما أوقعت أعمال العنف ما لا يقل عن 14 قتيلاً. وذكر المرصد أن أحياء الخالدية، وجورة الشياح، وحمص القديمة «ما زالت تتعرض للقصف من القوات النظامية، التي تشتبك مع مقاتلين من الكتائب المقاتلة في محاولة لاقتحام هذه الأحياء». ولفت المرصد إلى أنّ مدينة الرستن في محافظة حمص «تتعرض لقصف عنيف من القوات النظامية السورية، التي تحاول اقتحام المدينة الخارجة عن سيطرة النظام منذ أشهر».
وأضاف المرصد أن ريف دمشق يشهد «حملة دهم واعتقالات على أيدي القوات النظامية في منطقة عدرا». كذلك أشار المرصد إلى اشتباكات وقعت فجراً في أحياء عدة من مدينة حلب بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين، بينما أدى انفجار عبوة في حي بستان القصر استهدفت دورية أمنية إلى مقتل عنصري أمن.
وفي محافظة درعا، وقعت اشتباكات بعد منتصف ليل الأحد ـــ الاثنين في منطقة تل شهاب على الحدود السورية الأردنية، ما أدى إلى مقتل أحد المقاتلين المعارضين، بحسب المرصد.
من جهتها، أفادت وكالة الأنباء السورية «سانا» بأنّ «الجهات المختصة اشتبكت مع مجموعات إرهابية مسلحة على مشارف بلدة دارة عزة في ريف حلب».
وذكر مصدر في المحافظة لمراسل «سانا» أن الاشتباك أدى إلى إيقاع خسائر فادحة في صفوف المجموعات الإرهابية المسلحة، وتدمير 8 سيارات دفع رباعي مجهزة برشاشات. كذلك أفادت الوكالة بأنّ وحدات الهندسة «فككت عبوة ناسفة زرعتها مجموعة إرهابية مسلحة في حيّ الفردوس بمدينة حلب».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)