اسطنبول | عقد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان اجتماعاً طارئاً مع رئيس جهاز الاستخبارات الوطنية هاكان فيدان، ووزير الدفاع عصمت يلماز، وبحث معهما آخر التطورات في سوريا، خاصة بعد المعلومات التي تناقلتها وسائل الإعلام التركية عن مصادر استخبارية، وجاء فيها أنّ أتباع وأنصار حزب العمال الكردستاني قد سيطروا على جميع المناطق الكردية في سوريا، وهي المناطق المتاخمة للحدود السورية مع تركيا. ونقلت العديد من وسائل الإعلام التركية صور الأعلام الكردية التي ترفرف في المدن والقرى الكردية القريبة من الحدود. وأثارت هذه المعلومات مخاوف الحكومة والدولة التركيتين، خاصة بعد أن فشلت في التوصل إلى صيغة ما تسهم في تحقيق المصالحة مع حزب العمال الكردستاني، خلال المباحثات التي دامت أكثر من عامين، وتوسّط فيها رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني والرئيس العراقي جلال الطالباني. وكانت الحكومة التركية قد استضافت قبل ثلاثة أشهر مسعود البرزاني في أنقرة، في محاولة منها لإقناع قيادات «الكردستاني» الموجودة في شمال العراق بضرورة وقف العمل المسلح ضد الدولة التركية مقابل عفو عام وشامل عن جميع مسلحي الحزب وعناصره. ورفض «العمال الكردستاني» الاقتراح التركي، واشترط من أجل المصالحة إخلاء سبيل زعيم الحزب عبد الله أوجلان، المحكوم عليه بالسجن المؤبد، بعدما اختطفته الاستخبارات الأميركة من كينيا وسلمته إلى الدولة التركية في شباط عام 1999. وتحدثت المعلومات، خلال زيارة البرزاني لتركيا، عن مباحثات تركية _ كردية عراقية، طلب خلالها رئيس الوزراء التركي من البرزاني أن يقنع أكراد سوريا بضرورة التحرك ضد النظام السوري. ونقلت وسائل الإعلام التركية، الأسبوع الماضي، معلومات عن لقاءات متكررة بين البرزاني وقيادات الأحزاب الكردية السورية في أربيل، حيث وعدها البرزاني بتقديم كافة أنواع الدعم لها في حال توحيد صفوفها وتمردها على النظام في دمشق. وجاءت المعلومات الأخيرة عن سيطرة الأكراد على المناطق التي يوجدون فيها لتحرج وتقلق الحكومة التركية التي تتخوف من احتمال أن يسيطر حزب العمال الكردستاني التركي على الوضع تماماً في المناطق الكردية السورية، وهو ما سيخلق لتركيا مشاكل كبيرة جداً، خاصة في هذه المرحلة التي تشهد فيها منطقة جنوب شرق تركيا هجمات لعناصر الكردستاني، والتي تؤدي يومياً إلى مقتل وإصابة جنود أتراك. ويذكر أن الحزب العمال الكردستاني يضمّ أساساً المئات من أكراد سوريا، حيث يحظى الحزب بتضامن واسع من الشباب الكردي في سوريا. ودفعت هذه المخاوف وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو لدعوة رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا، وهو كردي الأصل، إلى اجتماع طارئ في أنقرة مع البعض من قيادات المجلس، وتمّ خلال اللقاء بحث آخر التطورات في سوريا، وبشكل خاص في المناطق الكردية. حيث إن هذه المناطق متاخمة للبلدات والقرى التي يسيطر أو يسعى «الجيش السوري الحر» للسيطرة عليها في ريف حلب وشمالها، قرب الحدود التركية. وهذا ما قد يحتمل حدوث مواجهات بين «الجيش الحر» و«العمال الكردستاني». كذلك تسري أنباء في الوسط التركي عن مساعي «الأكراد» للحصول على منفذ جغرافي يوصلهم إلى البحر الأبيض المتوسط، إن كان عبر الأراضي التركية أو السورية. بدورها، تسعى الحكومة التركية ووسائل الإعلام الموالية لاستغلال التطورات الأخيرة في سوريا لاتهام النظام في دمشق بدعم حزب العمال الكردستاني ضد تركيا، من خلال الانسحاب من المناطق الكردية. وتهدف هذه الحملة إلى دعم سياسات الحكومة ضد دمشق، واستعداء الشعب التركي للنظام السوري. وتتوقع الأوساط السياسية، حسب التطورات الأخيرة في المناطق الكردية السورية، أن تدفع الحكومة التركية لإعادة النظر في مجمل حساباتها الخاصة في سوريا، بما في ذلك احتمالات الدخول في حوار مباشر مع «العمال الكردستاني» وإقناعه بـ«الاتفاق» على رسم خارطة المنطقة تحت المظلة التركية. وهو ما سبق أن سعى من أجله الرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال عندما أمر عام 1991 رئيس أركانه باحتلال شمال العراق، خلال حرب الخليح الأولى، بهدف ضمّ المنطقة إلى تركيا بعد الاتفاق مع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البرزاني والاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني. ورفض رئيس الأركان الفريق أول نجيب توروماي هذا الأمر، ما اضطره إلى الاستقالة، على الرغم من المعلومات الصحافية التي تحدثت آنذاك عن تأييد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب لهذا المخطط.
وفي سياق آخر، استدعت تركيا، أمس، قنصلها في مدينة حلب للتشاور، بحسب مصدر دبلوماسي تركي. وأضاف المصدر أن القنصل عدنان كتشيجي عاد إلى أنقرة، أمس، للتباحث بشأن الوضع في سوريا. وقال إنّه سيعود، لاحقاً، إلى حلب في موعد لم يحدد بعد، موضحاً مع ذلك أن القنصلية تبقى مفتوحة.