أديس أبابا | للمرة الأولى منذ أكثر من عام، يلتقي ممثلون للحكومة السودانية بقادة من الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــ قطاع الشمال، التي تخوض مواجهات مع السلطات في منطقتى النيل الأزرق وجنوب كردفان. لقاء الطرفين، وإن كان ممثلاً في مسؤولي الشؤون الإنسانية بالحكومة والحركة الشعبية ـــ قطاع الشمال، إلا أنه يمثل اختراقاً يُحسب لمصلحة الاتحاد الأفريقي، الذي استطاع جمع الطرفين بعد إدراجه الملف ضمن مقررات مجلس الأمن الدولي التي جاءت في القرار 2046. ويلزم القرار الدولي دولتي السودان وجنوب السودان بضرورة حلّ القضايا العالقة بينهما، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر تنتهي في الثاني من آب المقبل. وضمن حزمة المعالجات التي تهدف إلى خدمة الاستقرار على جانبي حدود السودان وجنوب السودان، أُلزمت الخرطوم بضرورة إيجاد صيغ توافقية مع متمردى الحركة الشعبية ـــ قطاع الشمال. ويكتسب الاجتماع أهميته نظراً إلى ما يمثله الوضع في جنوب كردفان والنيل الأزرق من تقاطعات سياسية وأمنية في علاقة الخرطوم وجوبا. ولم يكن هذا الموضوع خافياً على تكتيك مفاوضي جنوب السودان، إذ تضمنت ورقتهم التوفيقية، التي طرحوها على الوسطاء الأفارقة بعنوان «اتفاق حول العلاقات الودية والتعاون بين البلدين»، العمل على إنهاء الحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. ولعل جوبا أرادت أن تغازل الخرطوم بهذا الطرح، ولا سيما أن السودان كثيراً ما اتهم جارته الجنوبية بإيواء ودعم وتسليح متمردي الجبهة الثورية المسلحة التي تمثل الحركة الشعبية ـــ قطاع الشمال واحدة من أهم أذرعها السياسية والعسكرية إلى جانب متمردي دارفور. ويدرك مسؤولو الجنوب أن الملف الأمني هو السبب الأساس في حالة الصداع المستمر الذي تعانيه الخرطوم، الأمر الذي جعلها تربط حل جميع العالقة بينها وجنوب السودان بحل الملف الأمني أولاً.
وسيؤدي المسار الإنساني، الذي فتحته الخرطوم في مفاوضاتها مع متمردي الحركة الشعبية ـــ قطاع الشمال، للدخول في مفاوضات المسارين السياسي والعسكري من دون شرط إنهاء التمرد. هذا الأمر جعل مفوضية الاتحاد الأفريقي تستبق فتح الملفين الأكثر تعقيداً في مجالي الأمن والسياسة، بإصدار بيان أعربت فيه عن أملها أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق بأسرع وقت ممكن في مجال الشؤون الإنسانية «بغية إنهاء معاناة مئات الآلاف من المحتاجين». وكشفت مفوضية الاتحاد عن استعدادها لنشر فرق تقويم ومراقبة من شخصيات أفريقية مرموقة للإسهام في حل الأزمة تتزامن مع نشر فرق مراقبين للتحقق من وصول المساعدات للمحتاجين بطريقة شفافة وعادلة. رئيس وفد السودان لمفاوضات المسار الإنساني، عبد الرحمن سليمان، الذي يرأس مفوضية العون الإنساني الحكومية في السودان، قال إن وفد بلاده مهمته العمل على إيجاد صيغة مرضية لإيصال المساعدات للمحتاجين، لكنه قلل من حجم الفجوة الغذائية بمناطق الحرب. وقال لـ«الأخبار» إن «الحكومة السودانية تقوم بواجباتها الوطنية تجاه المحتاجين في مناطق الحرب، والفجوة التي تتحدث عنها الأطراف تتركز في مناطق تسيطر عليها قوات التمرد، لكن هذا لا يمنع أن نعمل مع الآخرين لمساعدة المحتاجين». وأقرت الخرطوم بوجود أكثر من مئة وستين ألف لاجئ سوداني يقيمون في معسكرات اللجوء في دولة جنوب السودان، بعدما فروا من القتال في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
من جهته، لم يخف وفد الحركة الشعبية ـــ قطاع الشمال قلقه من أن تستغرق مفاوضات الملف الإنساني وقتاً طويلاً. واتهم نائب رئيس وفد الحركة الشعبية، وليد حامد، الحكومة السودانية «بالمماطلة في اتخاذ خطوات توقف تدهور الوضع الإنساني في النيل الأزرق وجنوب كردفان»، لافتاً إلى أن «العشرات يموتون يومياً إن لم يكن بسبب القصف الحكومي، فبسبب الجوع والمرض».