أشار وزير الخارجية التركية، أحمد داوود أوغلو، أمس، إلى أن المجتمع الدولي يخطط الآن لمرحلة ما بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، لافتاً إلى أن أكثر الشعوب تضرراً من الأزمة السورية هما الشعبان السوري والتركي. ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن داوود أوغلو قوله، في مقابلة تلفزيونية محلية، أن «الحكومة التركية اختارت منذ البداية الوقوف إلى جانب الشعب السوري، لأنها لو دعمت نظام الأسد لما تمكّنت من الارتباط بعلاقات جيّدة مع الإدارة المقبلة، ولتطلّب الأمر اعتذاراً للشعب السوري». وأضاف أن المجتمع الدولي يخطط الآن لمرحلة ما بعد الأسد، «حيث لم تعد هناك دولة في العالم فاعلة أو غير فاعلة تؤمن بأن نظام الأسد سيستمر في السلطة». واعتبر داوود أوغلو أنّ تركيا تقف في المكان الصحيح منذ بداية الأحداث لأسباب إنسانية ووجدانية، وأن موقفها ينبع من قراءة صحيحة للتاريخ إضافة إلى أنها في موقف يحفظ لها مصالحها الوطنية الاستراتيجية. ولفت إلى أن تركيا ستكون لاعباً أساسياً في وضع حجر الأساس لمستقبل سوريا رغم المحاولات الدولية الأخرى، «إلا أن تركيا وسوريا علاقتهما مثل البيت الخشبي الواحد الذي إن احترق من جهة ما فإن الطرف الآخر سيتأثر به أيضاً».
وتمنى أن تنتهي المرحلة الانتقالية في سوريا وأن ينتخب رئيس من مكونات الشعب السوري «أياً كان دينه أو طائفته أو عرقه، فالمهم هو تمتع الشعب السوري بالحرية والحقوق وتشمل بذلك الحرية الثقافية وحقوق الأقليات وحرية التفكير والتعبير الديموقراطي»، مشيراً إلى أن تركيا استفادت من التجربة العراقية وأخطائها. وقال إن الحكومة التركية متيقنة منذ البداية بأن هذه المرحلة لن تمر بسهولة، ولا أحد يعتقد أنها ستتغير بسهولة، مضيفاً أنه «لم تحدث انشقاقات في الجيش المصري أو التونسي، بل في الجيش السوري فقط لأنهم أعطوا أوامر بإطلاق النار على المدنيين وهذا كان موضع نقاش أمس مع العميد السوري المنشق مناف طلاس».
وقال وزير الخارجية التركي إن الرئيس السوري لم يقم بالإصلاحات المطلوبة، و«لم تسمح له زمرته وعائلته بذلك، وأوهمته التقارير الخاطئة التي تصله بأن الأزمة يمكن حلها بسهولة»، مضيفاً أن الأسد «كان يسير إلى الهاوية بينما حاولت تركيا إيقافه بشتى الطرق». ولفت إلى أن أكثر الشعوب تضرراً من الأزمة هما الشعبان السوري والتركي، مستنكراً المحاولات التي تظهر الموقف التركي تجاه الأزمة السورية كمواقف باقي المجتمع الدولي.
بالمقابل، انتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا كمال كيليتشدار أوغلو، سياسة حكومة رجب طيب أردوغان حيال سوريا، واعتبر أن إسرائيل الرابح الوحيد من الوضع في سوريا. ونقلت صحيفة «حرييت» التركية عن كيليتشدار أوغلو، قوله أول من أمس، إن الوضع في سوريا يخدم إسرائيل لأن العمل جارٍ لتأسيس دولة كردية. ولفت إلى أنّ سياسة تركيا الخارجية تركز على إبعاد الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة من دون أن تعي ما قد يلي ذلك. وأضاف «سوريا مهمة جداً لروسيا أيضاً، ولم يتم أخذ ذلك في عين الاعتبار»، قائلاً إن سياسة تركيا الخارجية «أصبحت فوضوية».
في سياق آخر، قتل جنديان تركيان، يوم أمس، في جنوب شرق تركيا في انفجار عبوة ناسفة زرعها متمردو حزب العمال الكردستاني لدى مرورهما، كما افادت مصادر محلية. وقالت هذه المصادر إن الشحنة، التي تم تفجيرها عن بعد، انفجرت لدى مرور آلية عسكرية في «ليج»، في محافظة ديار بكر، ما ادى الى مقتل جنديين وجرح آخر اضافة الى مدني. وشنت قوات الامن عملية واسعة في المنطقة رداً على الانفجار، في حين اتهم رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، منذ أيام، النظام السوري بأنه سمح بتمركز حزب العمال الكردستاني في عدة مناطق في شمال سوريا، مؤكداً على حق تركيا في ملاحقة المتمردين الاكراد الاتراك داخل سوريا في حال الضرورة.