أكد الرئيس بشار الأسد تصميم الشعب السوري وحكومته على تطهير البلاد من الإرهابيين ومكافحة الإرهاب من دون تهاون. وشدّد، خلال استقباله أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد جليلي، على أن «سوريا ماضية في الحوار الوطني، وهي قادرة بإرادة شعبها على افشال المشاريع الخارجية التي تستهدف محور المقاومة في منطقتنا ودور سوريا فيها». بدوره، أكد جليلي أنّ بلاده لن تسمح «بكسر محور المقاومة» الذي تشكّل سوريا «ضلعاً أساسياً فيه». ونقلت وكالة الانباء الرسمية السورية «سانا»، عن جليلي قوله «إنّ ما يجري في سوريا ليس قضية داخلية، وانما هو صراع بين محور المقاومة من جهة وأعداء هذا المحور في المنطقة والعالم من جهة أخرى»، مؤكداً أن «الهدف هو ضرب دور سوريا المقاوم». كما التقى جليلي وزير الخارجية السوري وليد المعلم. ولفتت «سانا» إلى أن جليلي والمعلم أكدا «عزم البلدين على استمرار التنسيق بينهما، وعلى أعلى المستويات، لمواجهة محاولات التدخل الخارجي السافر بالشأن السوري الداخلي». وأكّد المعلم لضيفه «أنّ دمشق ستوظف طاقاتها للافراج عن الزوار الايرانيين». وجرى خلال اللقاء التباحث بالمبادرات التي طرحتها الحكومة السورية لحلّ الأزمة وكيفية تفعيلها بهدف تكريس الحل السوري للأزمة، بما يتماشى مع ما نصّت عليه خطة البنود الستة لكوفي أنان، وصولاً إلى تثبيت الاستقرار في البلاد.
وبالتزامن مع زيارة جليلي، برز سجال تركي إيراني حول الوضع السوري، إذ حذر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان طهران مساء أمس. وقال إن على المسؤولين الإيرانيين أن ينتبهوا لما يقولونه ويحاسبوا أنفسهم، في إشارة منه إلى تصريحات رئيس الأركان الإيراني حسن فيروز أبادي، الذي قال إن تركيا وقطر والسعودية تتحمل مسؤولية الدماء التي سفكت في سوريا، مشدداً على أن الدور سيأتي على أنقرة بعد دمشق.
وجاءت أقوال أردوغان تأكيداً لبيان وزارة الخارجية التركية. واستنكر البيان بشدة تصريحات رئيس الأركان الإيراني «التي لا أساس لها من الصحة». وسبق بيان الخارجية خطاب لأردوغان اتهم فيه بعض الدول الإقليمية، من دون أي يذكر اسمها، بدعم حزب العمال الكردستاني التركي بهدف خلق المشاكل لتركيا.
في هذا الوقت، شملت مباحثات وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو مع نظيره الإيراني صالحي، الذي زار تركيا أمس كل هذه التفاصيل. وفسرت وسائل الإعلام التركية زيارة صالحي بطلب الوساطة من أنقرة في موضوع المختطفين الإيرانيين في دمشق، فيما قالت مصادر دبلوماسية إن موضوع المختطفين لم يكن ألا جزءا بسيطاً في مباحثات صالحي ــ داوود أوغلو. وأضافت المصادر أن أنقرة لو أرادت تحرير المختطفين اللبنانيين والإيرانيين لفعلت ذلك بكل سهولة لأنها تتحكم في كل أطراف الجماعات المسلحة العاملة في سوريا.
وكان صالحي قال للصحافيين لدى وصوله إلى مطار أنقرة، إن بإمكان تركيا أن تلعب «دوراً كبيراً» في الإفراج عن الزوار الإيرانيين الذين خطفوا السبت في دمشق، وذلك بفضل علاقاتها مع المعارضة السورية. واعتبر صالحي قبيل توجهه للقاء نظيره التركي أحمد داوود أوغلو أنه إذا عملت سوريا وإيران «وهما قوتان كبيرتان في المنطقة» بشكل منسق، فإن «بإمكانهما بالتأكيد تسهيل (إحلال) السلام والاستقرار في المنطقة».
من جهته، أكد نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية باتريك فينتريل، أن الولايات المتحدة ليست لديها معلومات عن مكان وجود الإيرانيين، معتبراً أنه «من غير المنطقي أن تحمل ايران الولايات المتحدة مسؤولية سلامة المخطوفين».
في غضون ذلك، اعتبرت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إنه لا ينبغي السماح بأن تنزلق الأزمة في سوريا إلى حرب طائفية، وحذّرت من ارسال «عملاء أو مقاتلين إرهابيين» للانضمام إلى الصراع. وأضافت، في مؤتمر صحافي في بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا، «يجب أن نبعث باشارات واضحة جداً بشأن تجنب حرب طائفية. إن من يحاولون استغلال الوضع بارسال عملاء أو مقاتلين إرهابيين يجب أن يدركوا أنه لن يتم التسامح مع هذا الأمر».
وقالت كلينتون إنه يجب على المجتمع الدولي تصعيد العمل بشأن التخطيط لسوريا ما بعد الاسد. وأضافت «يجب أن نحدد وسائل للاسراع باليوم الذي تنتهي فيه اراقة الدماء ويبدأ الانتقال السياسي، يجب أن نتأكد تماماً أن تبقى مؤسسات الدولة سليمة». وأضافت، رداً على سؤال حول مستقبل سوريا السياسي، «علينا أن نضمن أنّنا نعمل بالتعاون مع الاسرة الدولية لتحقيق هذه الغاية، كما علينا أن نحدد بالضبط ما نتوقعه من الحكومة والمعارضة بشأن انهاء العنف والبدء في الانتقال السياسي».
من جانبه، قال محمد العطري، المتحدث باسم رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، إن الأخير قد يصبح رئيساً للحكومة في المنفى أو رئيساً لحكومة انتقالية وهذا أمر يقرره «الثوار». وأضاف العطري، في مقابلة مع قناة «روسيا اليوم»، أنّ «حجاب موجود الآن في دولة مجاورة وهو بصحة جيدة، وكان قد غادر البلاد برفقة 40 شخصاً». وتابع: إن «من يحكم القرار السياسي في سوريا هي الأجهزة الأمنية، وهي التي تنسق مع الجانب الروسي وغيره. أما الوزراء ورئيس الحكومة فهم عبارة عن واجهة سياسية فقط».
في موازاة ذلك، أشار وزير المصالحة الوطنية في الحكومة السورية، علي حيدر، إلى أن «من يظن أن الأركان في سوريا هم أشخاص، فهو واهم»، لافتاً إلى أن «المؤسسات في سوريا قائمة بوجود أشخاص معينين أو بغيابهم».
إلى ذلك، أعلن أمس عن تشاور الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي هاتفياً مع رئيس المجلس الوطني السوري المعارض عبد الباسط سيدا، حول الوضع في سوريا. وأفاد بيان مشترك صادر عن الجانبين أن ساركوزي وسيدا ناقشا «لنحو أربعين دقيقة» الوضع في سوريا، و«توافقا تماماً على خطورة الأزمة السورية وضرورة قيام تحرك سريع من جانب المجتمع الدولي لتفادي (وقوع) مجازر». ووفقاً للبيان توافق ساركوزي وسيدا على «التشابه الكبير (بين الازمة السورية) والأزمة الليبية».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)