على الرغم من أن قرارات الرئيس المصري محمد مرسي، بإقالة وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي، وقائد الأركان الفريق سامي عنان (الصورة)، لاقت قبولاً شعبياً واسعاً، إلا أن الكثير من النشطاء والمراقبين، أطلقوا عدداً من التساؤلات عن الدوافع خلفها. وتساءلوا عن حقيقة وجود توافق بين أطراف فاعلة في المطبخ السياسي، فكما قال الناشط السياسي عبد الرحمن زيدان، على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، «المشكلة في مصر أننا دائماً لا ندري ماذا يحدث في المطابخ، ودائماً تقدم لنا الطبخة جاهزة وبلا مقدمات أو مبررات أو تفاصيل».
وكانت هذه حال كثيرين ممن تساءلوا عن الدور الأميركي المحتمل في قرارات أمس، وما إذا كان جزء من التوافق الذي تحدث عنه اللواء محمد العصار، عضو المجلس العسكري، مسؤول العلاقات الأميركية، الذي نسب إليه القول في قناة «سكاي نيوز» بأن حركة تغييرات الجيش تمت بالتراضي مع المجلس العسكري، أم أنه ليس للولايات المتحدة أي دخل، وأن القرارات كانت مفاجأة لها مثل الثورة المصرية التي اندلعت في كانون الثاني 2011.
الباحث المتخصص في العلاقات المصرية _ الأميركية، عمرو عبد العاطي، استبعد التدخل الأميركي في التعيينات الجديدة، أو أن يكون لها دور فاعل. وقال لـ«الأخبار»، أميركا لا تهتم في مصر إلا بالأمور التي تتعلق بالمصالح الأميركية، وموقف السياسة الخارجية المصرية وتحديداً في بعض القضايا كالسلام مع إسرائيل. وأضاف «ما يهم أميركا في البعد العسكري هو استمرار التعاون العسكري والاستخباري، ومصر لن يمكنها التخلي عن هذه الأمور، سواء كانت القيادات الحالية أو السابقة للجيش في ظل اعتماد الجيش المصري على معونة أميركية ومعدات أميركية».
أما في ما يتعلق بعلاقات مرسي مع أميركا ودورها في تلك القرارات، فأشار عبد العاطي إلى أن الرئيس المصري لم يخضع للولايات المتحدة، لكنه أكد أن جماعة الإخوان والولايات المتحدة لديهما قدر عالي من البراغماتية، تجعلهما يعرفان الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها. ونبه إلى أن مرسي تجاوز مرحلة التطمينات التي تهم الولايات المتحدة مثل السلام مع إسرائيل، والتعاون العسكري، وهو ما تم في الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومن ثم لن يكون هناك فارق في اختيار الأشخاص، ولا سيما مع معرفة القيادات الأميركية لكل القيادات العسكرية المصرية».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، محمد عبد الله، فرأى أن خلفية القرار لن تخرج عن ثلاثة احتمالات. الأول أن يكون القرار تم بالتوافق مع قوى خارجية تسعى إلى تسوية النزاع بين مؤسسة الرئاسة والعسكر، بحيث يخرج العسكر من السلطة بما يجنب مصر الدخول في توترات أو تجاذبات، تؤثر على مصالح هذه القوى، كالولايات المتحدة الأميركية.
الاحتمال الثاني، هو أن يكون فريق مرسي قد استقر على أن إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما تختلف عن كثير من الإدارات الأميركية التي كانت تفضل حكم الجنرالات في الدول المتحالفة معها، ومن ثم فالقرار لا يتعارض مع المصالح الأميركية ولا مع رؤية الإدارة الحالية لها. أما الاحتمال الأخير، فهو أن يكون مرسي قد استغل فرصة وجود قرابة ربع قوة الجيش المصري في سيناء، مع وضع هش للمجلس العسكري في الداخل، وعدم وضوح لحجم تأييد المجلس العسكري داخل فروع الجيش، فأخرج العسكر من السلطة وأجرى التعديلات التي يراها، من دون الرجوع إلى أي أطراف خارجية، مستثمراً فقط الأوضاع الداخلية.
من جهتها، استبعدت الباحثة في الشؤون الخليجية في مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إيمان رجب، أن تكون لزيارة أمير قطر، حمد بن خليفة آل ثاني، على أهميتها بوصفه أول أمير عربي يزور مصر عقب تولي مرسي الرئاسة، دور في القرارات. ووفقاً لرجب، فإن قطر تعد مخلب قط للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة. وهو ما يعني أنها ترغب في الاستقرار داخل مصر وأن تؤول السلطة إلى المدنيين كاملة، كما تلح الإدارة الأميركية، وهو ما لم يحدث، إذ جاءت القرارات لتغير شخصيات محددة دون إعادة تشكيل جوهري في بنية العلاقات المدنية العسكرية. وأوضحت أن المسألة أبعد من ذلك بكثير، فالصراع الممتد بين الإخوان والعسكر كفيل بأن يفسر هذه القرارات طبقاً للمعلومات المعلنة. وخلصت إلى القول «قد يكون القرار مبنياً على طلب من عنان والمشير، أو يكون هناك توافق بين مؤسسة الرئاسة والعسكر حول القرار، ولا سيما مع وجود جدل في الفترة الماضية بشأن صلاحيات الرئيس».