أكدت وزارة الخارجية السورية، تعليقاً على تصريحات الموفد الدولي الجديد الخاص الى سوريا الأخضر الابراهيمي، أن الحديث عن «حرب أهلية» في سوريا مجاف للحقيقة. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله إنّ «التصريح بوجود حرب أهلية في سوريا مجاف للحقيقة وهو فقط في أذهان المتآمرين على سوريا».
وأضاف أنّ ما يجري في سوريا «جرائم إرهابية تستهدف الشعب السوري وتنفذها عصابات تكفيرية مسلحة، مدعومة من دول معروفة بالمال والسلاح والمأوى». وقال المصدر «تعقيباً على ما تناقلته بعض وسائل الاعلام من تصريحات منسوبة للاخضر الابراهيمي، إنه ليس من مهمات أي دولة أو طرف أو مبعوث أممي الحديث عمن يقود سوريا، لأن الشعب السوري وحده هو صاحب هذا القرار».
وأضاف «إذا رغب المبعوث الاممي في نجاح مهمته والحصول على تعاون الحكومة السورية فعليه التقيّد بالاطار المحدد لهذه المهمة، والذي وافقت عليه سوريا، والعمل الجادّ للحصول على التزامات واضحة من الدول التي تقدّم الدعم لهذه العصابات الارهابية المسلحة بالتوقف عن التدخل في شؤون سوريا الداخلية».
وكان الإبراهيمي قد رأى في مقابلة تلفزيونية أن «الحرب الاهلية هي الشكل الأكثر رعباً للنزاع، حين يقتل جار جاره وأحياناً شقيقه، إنه أسوأ النزاعات». وأضاف «هناك من يقولون إنه يجب تجنب الحرب الاهلية في سوريا، لكنني أعتقد أننا نشهد الحرب الاهلية منذ وقت غير قصير. المطلوب هو وقف الحرب الاهلية وهذا الأمر لن يكون بسيطاً».
ورأى الابراهيمي أن «التغيير في سوريا لا مفرّ منه، تغيير جدي، تغيير أساسي وليس تجميلياً. ينبغي تلبية تطلعات الشعب السوري».
وطالب «المجلس الوطني السوري» الابراهيمي «بالاعتذار» للشعب السوري، معتبراً أنّ حديثه عن عدم مطالبة الاسد بالرحيل الآن «استهتار في حق الشعب السوري في تقرير مصيره».
في سياق آخر، أشار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنّ مجلس الأمن الدولي هو الوحيد الذي يستطيع إعطاء التفويض باستخدام القوة ضد سوريا. وقال لافروف، في كلمة ألقاها في هلسنكي حيث اجتمع مع مسؤولين في الحكومة الفنلندية، «الوضع في سوريا مهمّ ويثير القلق، ليس فقط بسبب إراقة الدماء، ولكن أيضاً لأن نتيجة ما ستؤول إليه هذه المأساة ستؤثر على الطريقة التي ستحل بها النزاعات: إما اتباع ميثاق الامم المتحدة وإما أن تفوز ديموقراطية القنابل».
وفي المواقف، حذر الرئيس الأميركي، باراك اوباما، من أن اي نقل او استخدام للأسلحة الكيميائية في سوريا يشكل «خطاً أحمر» بالنسبة الى الولايات المتحدة، وقد تكون له «عواقب هائلة». وقال اوباما في مؤتمر صحافي غير متوقع «حتى الآن، لم أعط امر التدخل عسكرياً. لكن اذا بدأنا نرى نقلاً او استخداماً لكميات من المواد الكيميائية، فذلك سيغير حساباتي ومعادلتي».
بدوره، قال الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، خلال لقائه المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، إنه «لا حل سياسياً في سوريا من دون رحيل بشار الأسد»، حسب بيان الإليزيه.
وفي السياق، رأت فرنسا أن فكرة تشكيل مجموعة اتصال جديدة بشأن سوريا، التي طرحتها مصر، تتطلب «تنسيقاً جدياً» مع المحافل القائمة، كما أعلنت وزارة الخارجية. وقال مساعد المتحدث باسم الوزارة فينست فلورياني، رداً على سؤال بشأن الاقتراح المصري، إن «الاقتراحات الحسنة النية التي تتيح العمل على إيجاد حلّ للأزمة السورية هي أولاً موضع ترحيب». وأضاف «هناك الكثير من المحافل والمنظمات التي تتولى حالياً الملف السوري: الامم المتحدة، والجامعة العربية، ومجموعة أصدقاء الشعب السوري ومجموعة العمل من أجل سوريا. ومن ثم فإن من المهم أن يكون هناك تنسيق جيد لمختلف المبادرات».
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس قال إنّه يجب إجراء مباحثات مع روسيا لتضييق الخناق مالياً على النظام السوري، مؤكداً أنّ النزاع الدائر في سوريا يكلف دمشق مليار يورو شهرياً. وقال إن «الاحتياطي يخفّ بشكل متزايد. نعتقد إنه (الأسد) ليس لديه احتياطي سوى لبضعة أشهر، بدون دعم روسيا وإيران. ولهذا السبب هناك أيضاً محادثات يجب أن تجري، على الأقل مع روسيا».
واستبعد فابيوس، مرة أخرى، احتمال تسليم أسلحة للمعارضين السوريين، نظراً إلى أن فرنسا ملتزمة بحظر على الاسلحة فرضه الاتحاد الاوروبي. وقال «هناك دول تقدم أسلحة للنظام، هي روسيا وإيران. هناك دول تقدم أسلحة للمعارضة، ولا سيما دول عربية».
من ناحيته، أعلن رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» هيثم مناع أن حركته تعدّ لعقد مؤتمر للمعارضة السورية في الداخل، متهماً دولاً إقليمية وعربية بدعم وجود قوي للجهاديين الأجانب في سوريا. وقال منّاع، في مقابلة مع «يونايتد برس انترناشونال»، إن «هيئة التنسيق الوطنية باشرت منذ الشهر الماضي الاتصال بكل معارضة الداخل من أجل عقد مؤتمر موسّع للمعارضة السورية داخل البلاد، واتصلت بعدة أطراف دولية، من بينها روسيا والاتحاد الأوروبي، وحصلت على وعود بحضور مراقبين».
وانتقد دعوة جماعات في المعارضة السورية إلى تشكيل حكومة انتقالية، وقال «يلومنا بعض أطراف المعارضة بالخروج عن إجماع مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، وأُحب أن أوضح أنه أولاً لم يكن هناك إجماع في القاهرة، وثانياً لم يتحدث أحد في المؤتمر عن حكومة انتقالية، ولذلك نرى أن من الضروري قبل الحديث عن حكومة من هذه النوع أن نوعز بوقف الدمار». وأضاف «مصيبة المعارضة السورية الموالية للغرب والخليج هي أنها مدللة مالياً وإعلامياً وبنحو جعلها تُصاب بالغرور، وترتكب أخطاءً قاتلة أدّت إلى اتهام المعارضة السورية ككل، في تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الإنسان، بارتكاب جرائم حرب».
وعمّا تردد عن أن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قطعت اتصالاتها مع «المجلس الوطني السوري» بذريعة أنه سمح للجماعات الجهادية بالعمل تحت مظلته، قال منّاع «لنتحدث بصراحة، فالجهاديون الأجانب جعلوا من الحلّ العسكري قضية يدافع عنها النظام السوري، وصار يدافع عن ابن حلب المعتدل والمسيحي والكردي بوجه الشيشاني الذي يتطلع لإمارة إسلامية في سوريا، ولم يكن لدى النظام من قبل قضية سوى مواجهة شعبه، وأصبح له الآن قضية حماية البلد من التدخل الخارجي العشوائي والمتطرف والمذهبي».
كذلك اتهم تركيا والسعودية وقطر بـ«المقامرة بدعم وجود قوي للجهاديين الأجانب في سوريا، لتمكينها من التحكم في مجريات العمليات العسكرية وإبقاء المقاتلين السوريين تحت سيطرتها السياسية والعسكرية».
إلى ذلك، نفت وزارة الاعلام السورية، أول من أمس، ما نشر حول تسمية وزير الخارجية السوري وليد المعلم لمنصب نائب للرئيس. ونقلت وكالة «سانا» عن وزارة الاعلام أن «ما بثته بعض القنوات الصهيونية والمستعربة عن أن وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم كتب على صفحته على تويتر أن هناك مرسوماً بتسميته بديلاً من السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية هو غير صحيح».
وأوضحت الوزارة أن «الوزير المعلم ليس لديه صفحة على تويتر أو غيره أصلاً»، فيما أعلنت شبكة «سكاي نيوز»، أمس، نقلاً عن مصادر سورية «اعتقال الأمين العام المساعد لحزب البعث السوري عبد الله الأحمر».
(أ ف ب ، رويترز، يو بي آي، سانا)