الجزائر | صادف إعلان الحكومة الجديدة في الجزائر إضراباً عاماً لموظفي البلديات واحتجاجات الشغل والسكن والأسواق العشوائية. فقد امتلأت شوارع مدينة ورقلة الواقعة في قلب الصحراء (جنوب) في الأيام الثلاثة الأخيرة بمئات من الشباب خرجوا للتنديد بسياسة التشغيل المنتهجة وبتفشي البطالة في أوساطهم، رغم وجود أكبر مخزون نفطي جزائري في ولايتهم. المتظاهرون اعتصموا أمام مبنى الولاية وردّدوا عبارات تتهم السلطة بالتمييز الجهوي وتكريس سياسة تفقير سكان الجنوب. وكان العامل المباشر لهذه الحركة الاحتجاجية عزل المدير المحلي الذي رسم سياسة تشغيل مكّنت في الشهور الأخيرة من توظيف عدد كبير من العاطلين من العمل في الولاية.
في هذا الوقت، قال مسؤول الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، محفوظ حساس، الذي كان من بين المحتجين «إن هذا المدير وضع خطة شفافة للتوظيف وتمكن من إقناع الجميع بنزاهته ونظافته ووضوح عمله. وقد فوجئنا كلنا بقرار إقالته وتعيين شخص آخر محله معروف بعدم الكفاءة».
ورأى حساس «أن هذه الإقالة جاءت في وقت استفادت فيه الولاية من حصة معتبرة من مناصب العمل في الشركات النفطية، ويخشى شباب المنطقة أن توزع لغيرهم كما حدث دائماً في وقت سابق».
من ناحيتهم، وجّه الشباب الخائفون على سرقة مناصبهم برقية إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأخرى الى الوزير الأول عبد المالك سلال، طالبين تدخلهما لضمان العدالة. وذكّر المحتجون سلال بتعهده في أول تصريح بعد تنصيبه بالتركيز على محاربة الفساد والإشراف بنفسه على ملف التشغيل.
وفي عنابة، كبرى مدن الساحل الشرقي، تظاهر المئات أيضاً بعد الكشف عن قوائم توزيع المساكن الاجتماعية. واحتجوا أمام مقر والي الولاية وطالبوا بإعادة النظر في تلك القوائم لأنها تتضمن عدداً كبيراً من غير المحتاجين إلى السكن، فيما حُرِم المحتاجون الحقيقيون الذين يعانون من ضيق مساكنهم أو القاطنين في الأحياء الفقيرة الهشة.
واتهم المحتجون القائمين على عملية التوزيع بالفساد وتفضيل من يدفعون الرشى على من لهم أسبقية تقديم ملفّات الاستفادة.
ويُفترض أن توزع المساكن وفق مقياس الحاجة الذي يزكيه تحقيق ميداني من الهيئة المختصة تؤكد أحقية العائلة في الحصول على مسكن جديد، كما تؤخذ يعين الاعتبار أقدمية الملف.
لكن في بعض الأحيان، تُهضم حقوق المحتاجين بفعل تدخل الرشى وشراء الذمم في الإدارات المحلية المشرفة على الشأن العام في الولايات والبلديات، وهو ما كان عاملاً رئيسياً في الاحتجاجات على مدى البلاد في كل مرة تنشر فيها قوائم الاستفادة من السكن، حتى أصبح التظاهر عادة ترافق كل عملية توزيع للمساكن الاجتماعية. وبالإضافة الى تظاهرات السكن والشغل التي تشهدها مناطق عدة من البلاد، يسود توتر كبير في المدن الكبرى وخاصة العاصمة الجزائر، بعد إقدام السلطات على إزالة الأسواق الفوضوية وهدم آلاف المحال التي أقامها تجار، معظمهم شباب يبيعون على الأرصفة ويتسببون عموماً بزحمة المرور وإزعاج سكان الأحياء.
وتحركت عشرات الجرافات في كل أنحاء مدينة الجزائر وأزالت أكثر من 300 سوق فوضوية كان تجارها غير مسجلين ويعملون خارج قانون السجل التجاري ولا يدفعون الضرائب.
ومع أن جيوب المواطنين تتضرر بمنع هذه الأسواق كونها كانت تبيع بأسعار أقل من الأسعار المعمول بها في المحال والأسواق المنظمة، إلا أن الناس عموماً ارتاحوا لعملية إزالتها لأنها كانت تشوه منظر المدينة وحوّلت أحياءً كانت جميلة الى قمامة.
وقد واجه الباعة في تلك الأسواق شرطة مكافحة الشغب وطالبوا الناس بالتعاطف معهم، لكنهم فشلوا.
وتجرى هذه الاحتجاجات والمواجهات في وقت يتواصل فيه إضراب عمال وموظفي البلديات منذ الثلاثاء الماضي، للمطالبة برفع الأجور وتحسين ظروف العمل. وقاد فرع البلديات في النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية الإضراب بنجاح، وانخرط فيه ما بين 75 و80 في المئة من مجموع العمال.
وأتى هذا النشاط في أكثر أوقات السنة اكتظاظاً، حيث شلّ العمل في الإدارة المحلية، وخصوصاً مع بداية المدارس واحتياج الطلاب والتلاميذ الى استخراج وثائقهم وملفاتهم السنوية.
ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، فالنقابة تعتزم تنظيم مسيرة وطنية في العاصمة في حال عدم استجابة وزارة الداخلية لمطالبها.