تونس | في هجوم هو الاول من نوعه منذ وفاته، تعرض ضريح الزعيم الحبيب بورقيبة لاعتداء قام به سلفي في الأربعين من العمر من محافظة باجة (شمال تونس) ومقيم في ضاحية حي التضامن الشعبية التي تمثل الحزام الأكثر فقراً في العاصمة. وذكر شهود عيان للتلفزيون التونسي أن سلفياً دخل روضة آل بورقيبة، وهي عبارة عن متحف ومزار سياحي مهم، وهو يحمل باقة زهور لوضعها على الضريح، لكنه بمجرد خروج الحارس عمد إلى تخريب محتويات الروضة من صور ووثائق معروضة.
وخلّفت الحادثة استياءً عميقاً في مدينة المنستير وفي جهات البلاد، لأنها تمثل تعدياً إجرامياً على حرمة القبور التي يوصي الإسلام باحترامها، كما تمثل اعتداءً على رمزية «أبي الاستقلال» و«المجاهد الأكبر» الذي يحاربه السلفيون في قبره. كذلك أدانت الاحزاب السياسية، مثل الحزب الجمهوري ونداء تونس والمسار الاجتماعي، وعدد من الجمعيات الاعتداء الآثم.
خبر الاعتداء على قبر الزعيم انتشر عبر الشبكة الاجتماعية «فايسبوك»، فامتلأ الضريح في سرعة قياسية بأنصار الزعيم الراحل ومريديه الذين يمثّلون الآن حركة سياسية قوية مبثوثة وموزعة بين الأحزاب التي تتبنى منجزات دولة الاستقلال وتدافع عن الزعيم كرمز وحّد التونسيين.
من جهتها، نفت وزارة الداخية التونسية حصول الهجوم على ضريح بورقيبة. وأوضح المكلف بالإعلام في وزارة الداخية، خالد طروش، أن رجلاً ملتحياً دخل إلى الضريح المفتوح للعموم حاملاً بعض الزهور، ووضعها على الضريح، وقام إثر ذلك بإنزال عدد من الإطارات الحاملة لصور الزعيم الراحل، كما أزال كرسياً كان في المكان ونسخة من القرآن الكريم سلمها إلى أحد عمال الضريح، دون أن يقوم بكسر أي غرض. وأكد طروش أن النيابة العامة أذنت بإيقاف هذا الشخص بتهمة انتهاك حرمة القبر في انتظار عرضه على قاضي التحقيق.
يذكر أن ضريح الزعيم مصنّف إلى حد الآن كمتحف أثري خاضع لقانون المتاحف الذي يجرّم كل من يعتدي على الآثار كمجرم ترقى جريمته إلى الجناية التي تستوجب أقسى درجات العقاب.
والواضح أن الاعتداء السلفي على ضريح الزعيم هو رسالة مشفرة من السلفيين وحلفائهم للبورقيبيين الذين همّشهم النظام السابق واستعادوا موقعهم بقوة في الحياة السياسية، وخصوصاً أن أغلب التونسيين ينظرون اليوم إلى زعيم حركة نداء تونس ومؤسسها، الوزير الاول السابق الباجي قائد السبسي، كأحد أبرز قيادات التيار البورقيبي الذي تحتاج إليه البلاد لإطلاق الأمل من جديد واستعادة الوحدة الوطنية التي ناضل من أجلها الزعيم.