القاهرة | ... والليبراليون أيضاً يحاولون جمع شتاتهم، تحت سقف تحالف جديد. وبعدما دشن عدد من أنصار الفكر اليساري بصفة عامة، والقومي بصفة خاصة التيار الشعبي، وشكلت الحركات والتيارات الشيوعية والاشتراكية التحالف الديموقراطي الثوري، جاء الدور على الليبراليين، فاختاروا لأنفسهم مسمى تحالف الأمة المصرية، ليندرجوا تحته على أمل أن يظهروا هم أيضاً في الصورة. وبعد ما يقرب من شهرين من المشاورات والاجتماعات المستمرة بين عدد من الشخصيات العامة والنقابات والأحزاب السياسية، على رأسها حزب الوفد وعدد من الأحزاب الأخرى كحزبي الجبهة الديموقراطية و«غد الثورة» أعلن عن تدشين تحالف «الأمة المصرية»، برعاية الامين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ورئيس حزب الوفد السيد البدوي. ويضم التحالف ما يقارب 50 شخصية عامة، بينهم نائبا رئيس الوزراء الأسبقان الدكتور يحيي الجمل والدكتور علي السلمي، إلى جانب مؤسس حزب الجبهة الديموقراطية، أسامة الغزالي حرب والدكتور مصطفى الفقي سكرتير الرئيس المخلوع حسني مبارك، والسفيرة مرفت التلاوي وزيرة التأمينات السابقة.
المشاركون في التحالف لا يعرفون على وجهة الدقة حتى الآن ما إذا كان الهدف منه انتخابياً أم سياسياً. هم يهدفون فقط إلى تسجيل مواقف سياسية والاعتراض على مواد الدستور السالبة للحريات، وفقاً لما جاء في المؤتمر، الذي عقد الأسبوع الماضي للإعلان عن التحالف. هذا الهدف حُدد بالرغم من أن موسى واحد من المشاركين حتى الآن في لجنة صياغة الدستور، ولم ينسحب منها كما فعل أعضاء آخرون. كذلك فإن البدوي يشارك في نفس اللجنة.
ويعتمد المنضمون للتحالف على ما سمي بوثيقة التحالف. ومما جاء فيها أنهم يرتكزون على مبادئ ثورتي 1919 ويوليو 1952، وأن هدفهم «ترسيخ قيم الديموقراطية ومبادئ الدولة المدنية الحديثة والتأكيد على مقومات المواطنة وسيادة القانون». كما تنص الوثيقة على «كفالة الحقوق والحريات الأساسية وضمان العدل والمساواة ومواجهة أي سلطة تحاول النيل من هذه المبادئ التي استقرت في ضمير الأمة». ووفقاً لما تضمنته هذه الوثيقة، فإن التحالف مفتوح لكل المصريين وأنهم يقفون على أرضية وطنية، ويتمسكون بمبادئ المواطنة ويدافعون عن الهوية المصرية والتراث الثقافي ومقومات الدولة المدنية.
ويرى ممثلون للتحالف تحدثوا لـ«الأخبار» أنهم سيساهمون بإيجابية لضمان إصدار دستور مدني حديث، يكفل بناء الدولة العصرية الحديثة على أساس نظام ديموقراطي، يتضمن إقرار المبادئ والحقوق والحريات الأساسية لجميع المواطنين دون أي تفرقة. كما يؤكد هؤلاء أن قيادة التحالف ستعمل على تنسيق مواقف أعضائها وجمع كلمتهم للدفاع عن القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العادلة، ومعارضة أي سياسات معاكسة لأهداف التنمية الوطنية والعدالة الاجتماعية وحماية المواطنين من التغوّل على حقوقهم وحرياتهم التي يكفلها الدستور ومواثيق حقوق الإنسان. ورحبوا بانضمام كافة القوى السياسية والأحزاب والنقابات والاتحادات والأفراد «تحت مظلة هذه المبادئ».
السيد البدوي، رئيس حزب الوفد وأحد الداعين إلى التحالف، أكد أن التحالف بداية لانشاء حوار بين القوى المدنية السياسية الموجودة على الساحة لتكوين جبهة مدنية موحدة، هدفها إرساء مبدأ الديموقراطية والحفاظ على هوية الدولة ومدنيتها. ولفت إلى أن الحوار سيظل مستمراً مع القوى الأخرى التي لم تشارك حتى الآن في التحالف سعياً لضمها إليه. وشدد البدوي على أن التحالف «ليس موجهاً ضد أحد بعينه، أو ضد تيار بذاته إنما هو تحالف من أجل المواطن المصري وقضاياه».
بدوره، أكد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، في مؤتمر تدشين التحالف أنه سيسعى لضم عدد من الشخصيات البارزة إلى تحالفه، منهم وكيل مؤسسي حزب الدستور محمد البرادعي، والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية، حمدين صباحي. وقال: «نحن على نفس الموجة مثلهم وهم على نفس الموجة مثلنا». وأضاف «أبوابنا مفتوحة للجميع، وتحالفنا لكل من يرفع علم الوطنية ويشارك في تظاهرات سلمية ويقف صفاً واحداً بجانب القوى المدنية».
وبدا واضحاً أن تحالف موسى أو تحالف الأمة المصرية لن يضع خطوطاً واضحة لعمله خلال الفترة المقبلة، وما إذا كان سيشارك كجبهة واحدة في الانتخابات المقبلة من عدمه. وكان لافتاً خروج بعض الأحزاب التي تم إدراج اسمائها ضمن التحالف لتكذب ذلك، وتؤكد أنها لا تزال في مرحلة التفكير، ولم تنهت إلى قرار نهائي بعد بالانضمام إلى التحالف من عدمه.
كذلك نال التحالف قسطاً من الهجوم الإسلامي. واعتبر المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية، حامد مشعل، في حديث لـ«الأخبار»، أن تحالف الأمة المصرية يعمق الخلاف الدائر حول ما إذا كانت مصر دولة إسلامية أم علمانية». والواقع، حسب مشعل، يؤكد دائماً أن الشعب يختار الإسلاميين. ونبه مشعل إلى أن «الليبراليين يتحدثون وكأنهم ملكوا الشعب، لكن في الحقيقة ليس لهم أي أرضية في الشارع».