دعا الرئيس التونسي المؤقت، منصف المرزوقي، إلى رفض تقسيم شعب بلاده بين أشرار وأخيار، ورأى أن الأهداف التي قامت من أجلها الثورة في تونس ما زالت بعيدة المنال. وقال المرزوقي في كلمة ألقاها أمس، في افتتاح جلسة استثنائية للمجلس الوطني التأسيسي عقدت لمناسبة مرور عام على أول انتخابات تعرفها تونس بعد الثورة، إن «التخوين والشيطنة لأي طرف كان، والتحريض والقدح في الأشخاص، هي من أكبر عوامل الاحتقان في تونس اليوم». وشدد على ضرورة «رفض تقسيم التونسيين إلى أشرار وأخيار، مفسدين ومصلحين، ثوريين ورجعيين، علمانيين وإسلاميين، حداثيين وسلفيين، أي تقسيم إلى تونسيين من درجة أولى وتونسيين من درجة ثانية». وأضاف المرزوقي أن «مصلحة الوطن تقتضي في هذا الظرف الدقيق وقف إطلاق النار الإعلامي بين الأطراف السياسية»، كما «تقتضي صدمة إيجابية وانطلاقة جديدة».
ودعا إلى العمل من أجل تحقيق أوسع نطاق ممكن من التوافق وتفعيل الهيئات المستقلة الثلاث للانتخابات والقضاء والإعلام، وإلى صياغة القانون المنظم للانتخابات التشريعية والرئاسية قبل دخول الصيف، والانتهاء من إعداد دستور لدولة مدنية يسودها نظام سياسي تعددي في الذكرى الثانية للثورة.
من جهته، حذر رئيس الحكومة التونسية المؤقت، حمادي الجبالي، من أن تأخير موعد الانتخابات لأي سبب من الأسباب «سيعرض البلاد لمنزلقات قد لا تحمد عقباها». وأشار الجبالي إلى أن «تأخير موعد الانتخابات لأي سبب من الأسباب لأكثر من التاريخ المقترح مطلع صيف 2013 سيعرّض في رأينا بلادنا لمخاطر ومنزلقات لا يمكن تحمّلها» من دون توضيحها.
ودعا الجبالي، في خطاب في المجلس الوطني التأسيسي، إلى «التسريع في مواعيد الاستحقاقات السياسية القادمة، والتصديق على الدستور الجديد مطلع السنة المقبلة». وطالب «الأحزاب السياسية والأطراف الاجتماعية والإعلامية وكل مكوّنات المجتمع المدني في تونس بتحمّل مسؤولياتها التاريخية وتجنّب دفع الأوضاع إلى التأزم والتناحر حتى العنف».
بدوره، دعا رئيس المجلس الوطني التأسيسي، مصطفى بن جعفر، «القوى المدافعة عن الثورة» في تونس إلى عدم الانسياق وراء «العنف السياسي، وإزالة حالة الاحتقان والتجاذب وتغليب لغة العقل والحوار والتهدئة». وشدد، في كلمة له في المجلس التأسيسي، على أنه «لا بد من الوفاق والتعايش رغم الاختلاف في السياسات». وتابع «الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلادنا وتصاعد مظاهر التوتر والخطابات المتشنجة التي تفتح الباب أمام العنف بمظاهره اللفظية والمادية، خط أحمر يجب الوقوف عنده».
احتفالات تونس سادها جو من التوتر بعد انتشار خبر عن انقلاب عسكري يُعدّ له الجيش، دعمه انقطاع البث التلفزيوني والانتشار العسكري الكثيف للقوات المسلحة التونسية.
إلى ذلك، نظّمت الرابطة التونسية لحماية الثورة تظاهرة أمام المجلس الوطني التأسيسي احتفالاً بمرور سنة على إجراء أوّل انتخابات تشريعية نزيهة ومستقلّة في البلاد، وسط إجراءات أمنية مشددة في شارع حبيب بورقيبة، في وقت اعتصم فيه عدد من الشباب اليساريين في الشارع عينه رافعين شعارات منددة بحركة النهضة الحاكمة وبالحكومة.
من جانب آخر، هاجم زعيم جماعة أنصار الشريعة سيف الله بن حسين، المعروف بأبي عياض، الحكومة، واصفاً إياها بأنها «عميلة للغرب»، ودعاها إلى الإفراج فوراً عن السلفيين الذين اعتقلوا بعد الهجوم على مقر السفارة الأميركية الشهر الماضي.
وقال أبو عياض، في تسجيل فيديو نشر عبر شبكة الإنترنت وحمل أعنف هجوم تشنّه أنصار الشريعة على الحكومة، «الحكومة تدّعي الانتساب إلى الإسلام وهي أبعد عن الإسلام». ووجه أبو عياض سهام نقده إلى الرئيس المنصف المرزوقي الذي وصف السلفيين بأنهم «جراثيم»، فوصفه بأنه «معتوه لا يتحكم في نفسه، وهو بيدق يحركه الغرب كما يشاء». وتعهد بألا يحكم تونس علمانيون، مسمّياً حزب نداء تونس العلماني،«هؤلاء حاربوا ويحاربون الشعب في دينه ولن يحكمونا إلا على جثثنا». في إطار آخر، حذرت منظمة العفو الدولية، أمس، من أن التقدم الذي سجل في مجال حقوق الإنسان منذ إسقاط الرئيس زين العابدين بن علي في تونس يتراجع على يد الحكومة الإسلامية الحالية، مشككةً في التزام هذه الحكومة بالإصلاح. وأضافت المنظمة في بيان أصدرته لمناسبة مرور عام على انتخابات المجلس الوطني التأسيسي أن «شكوكاً تثار حول مدى التزام الحكومة بالإصلاح».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)