القاهرة | «إهتف وقول الثورة حق... والدم مش وجهة نظر واللي انتصر للدم حق». هكذا هتف الشاعر المصري الشاب وائل فتحي، خلال إحياء الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود، التي شهدت أول من أمس تجدد الاشتباكات بين المتظاهرين ووزارة الداخلية في ظل تجاهل رئاسي وحكومي وتورط إخواني. فتحي الذي ردد بصوت مرتفع أيضاً «يا بلادي ما تنسيش»، كان يقصد بالطبع العيون والأرواح التي ضحى بها الشباب من أجل استكمال ثورتهم المسلوبة. لكن بعد مرور عام على الأحداث وحلول جماعة الإخوان المسلمين مكان المجلس العسكري، يبدو أن المصريين سيستمرون في ترديد الهتاف لسنوات مقبلة. فالجماعة وحكومتها تحافظ على نفس نهج المجلس العسكري وقبله نظام حسني مبارك. ولا يزال نهج وزارة داخلية الإخوان يرفع شعار الاستخدام المفرط للقوة مع المتظاهرين، فبدلاً من أن تبادر وزارة الداخلية إلى تقديم التعازي لأسر شهداء شارع محمد محمود لجأت إلى تهديد القوى السياسية وتحذيرها من محاولة للوصول إلى مقر الوزارة في إطار فعاليات إحياء الذكرى. ونشرت الوزارة عدداً من سيارات ومدرعات الأمن المركزي أمام مقر وزارة الداخلية، إلى جانب العشرات من رجال الشرطة لتأمين المقر تحسباً لوقوع أي اشتباكات أو اعتداءات على الوزارة. وبمجرد هتاف المتظاهرين أول من أمس ضد وزارة الداخلية ورجالها، لم يحتمل رجال الداخلية الهتاف ليراق الدم المصري من جديد وسط أنباء متضاربة عن مقتل عضو حزب الدستور محمود جابر خلال الاشتباكات. مطالب متظاهري محمد محمود التي لم تزد على القصاص من قتلة شهداء الشارع وسرعة محاكمة قناص العيون، كان يمكن أن تكتسب التعاطف الحكومي لولا أن رفع المتظاهرون في بداية الشارع لافتة كتبوا عليها «ممنوع دخول الإخوان المسلمين».
وشهد شارعا «قصر العيني ومحمد محمود» اشتباكات بين قوات الشرطة والمتظاهرين بعد أن قامت مجموعة من المتظاهرين بحمل أربعة نعوش رمزية في شارع محمد محمود بالتزامن مع محاولة عدد آخر من المتظاهرين هدم الجدران العازلة في شوارع «يوسف الجندي، ومنصور، والشيخ ريحان»، الفاصلة بين التحرير وبين مقر وزارة الداخلية.
على الاثر، قامت قوات الأمن برشقهم بالحجارة، وإلقاء القنابل المسيلة للدموع لتفريقهم بعيداً عن مقر الوزارة، فيما رد المتظاهرون بزجاجات المولوتوف والحجارة، مرددين هتافات مضادة للداخلية. بعد ذلك، انتقلت الاشتباكات إلى شارع قصر العيني. وسادت حالة من الكر والفر بين الطرفين حتى الساعات الأولى من فجر أمس، لتتوقف الاشتباكات لعدة الساعات. وعادت الاشتباكات من جديد بعد ظهر أمس برشق عشرات المتظاهرين في شارع يوسف الجندي، قوات الأمن المركزي بالحجارة. وهو ما رد الجنود عليه بوابل من قنابل الغاز المسيل للدموع، ليسقط عشرات المصابين بينهم جابر الذي وصفت إصابته بالخطيرة.
وأصدرت وزارة الصحة بياناً أكدت فيه أن عدد المصابين في اشتباكات محمد محمود من المتظاهرين بلغ 61 مصاباً. وتراوحت الاصابات ما بين كدمات في الجسم وجروح في الوجه والرأس، فضلاً عن اختناق وحروق في الوجه واليدين وكسور وطلق ناري خرطوش بالجبهة.
من جهتها، قالت وزارة الداخلية إن عدد مصابي قوات الشرطة في الاشتباكات وصل إلى 29 بينهم 9 ضباط، متحدثةً عن أن «هناك تعليمات مشددة من اللواء أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، للقوات بالتحلي بأقصى درجات ضبط النفس».
وتجدر الإشارة الى أن قوات الشرطة اعتقلت ما يزيد على 19 متظاهراً في الوقت الذي من المقرر أن تصدر محكمة جنايات القاهرة حكمها بشأن الـ379 متهماً في أحداث محمد محمود الأولى الشهر المقبل. وعلق مدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، المحامي حافظ أبو سعده، على الأحداث قائلاً: «لا شيء تغير في مصر منذ ثورة 25 يناير». وأضاف «الأمور لا تزال كما هي من حيث أسلوب تعامل رجال الشرطة مع المتظاهرين»، مطالباً «النائب العام بضرورة فتح تحقيق عاجل وفوري في الأحداث من أجل الوصول إلى المتسببين ومحاكمتهم». وبعيداً عن الموقف الحقوقي، لم يصدر أي موقف رسمي تجاه أحداث محمد محمود سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو رئيس الحكومة هشام قنديل. أما على صعيد جماعة الإخوان، فاهتم موقعها بتكذيب خبر تم تداوله في الفترة الأخيرة بشأن ترشيح النائب الأول للمرشد خيرت الشاطر لتولي رئاسة الحكومة.