اختار رئيس حكومة جنوب السودان، سيلفا كير ميارديت، أحد مراكز الاقتراع القريبة من نصب مؤسس الحركة الشعبية لتحرير السودان، جون قرنق، لإطلاق عملية استفتاء تحديد مصير الجنوب. وقال كير، بعد الإدلاء بصوته، «هذه لحظة تاريخية كان شعب جنوب السودان ينتظرها. وأودّ أن أناشد كل شعب جنوب السودان التحلي بالصبر إذا لم يتمكن أي شخص من الإدلاء بصوته اليوم. لديكم أيام كثيرة تستطيعون أن تدلوا فيها بأصواتكم». وأضاف «أعتقد أن كل هؤلاء، الدكتور قرنق وكل من ماتوا معه هم معنا اليوم. وأود أن أؤكد لهم أنهم لم يموتوا سدى».
وبينما أكد نائب رئيس مفوضية استفتاء جنوب السودان، شان ريك، أن المشاركة في الاستفتاء غير مسبوقة، قال «لا أستطيع أن أعبر عما نشهده. إنها مشاركة لم نر بكثافتها أبداً في السابق حتى خلال الانتخابات الأخيرة» التي جرت في نيسان الماضي، عبّر العديد من المراقبين عن ارتياحهم لتخطّي الجنوبيين اليوم الأول من الاستفتاء.
ورأى الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان، من جوبا، أن المشاركة الكثيفة في الاستفتاء يجب أن تدفع «الجميع الى القبول بنتائجه».
أما السيناتور جون كيري، الذي شارك في اتصالات واسعة مع المسؤولين في الشمال والجنوب لإنجاح الاستفتاء، فأكد أن انطلاق عملية التصويت «بداية فصل جديد في تاريخ السودان، وهو فصل مهم جداً». بدوره، أكد المبعوث الأميركي الخاص الى السودان، سكوت غرايشن، من جوبا أيضاً، أنه «إذا أصبح الجنوب مستقلاً، فستكون هناك حاجة إلى القيام بالكثير مع ولادة دولة جديدة». وأضاف «بإمكان الشمال والجنوب الاعتماد على دعمنا».
أما الرئيس الأميركي، باراك أوباما، فأكد بعيد إقفال صناديق الاقتراع، أن «العالم متفق في التصميم على ضمان التزام جميع الأطراف في السودان بتعهداتها». وأكد أنه يتعين على جميع الأطراف في السودان الابتعاد عن لغة الخطاب التحريضي والأعمال الاستفزازية التي يمكن أن تعرقل عملية التصويت.
وكان أوباما قد استبق انطلاق عملية التصويت، بتجديد تعهداته للخرطوم بمنحها رزمة من الحوافز في حال اعترافها بنتيجة الاستفتاء وتوصلها مع الدولة الوليدة إلى اتفاق على القضايا العالقة، وذلك في افتتاحية نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» أول من أمس.
أما الرئيس الأميركي السابق، جيمي كارتر، فأكد أنه يجب على جنوب السودان أن يتبنى الديموقراطية إذا كان يريد أن ينجح كدولة جديدة بعد الاستفتاء الذي يجري بشأن الاستقلال.
في هذه الأثناء، رحبت الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، في بيان مشترك، ببدء الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان، مشيدين بـ«العمل الضخم» الذي قامت به اللجنة الانتخابية والتعاون بين القادة الجنوبيين والشماليين. كما نوّه وزراء خارجية الدول الثلاث، هيلاري كلينتون ووليام هيغ ويوناس ستور بـ«تعهد» الرئيس السوداني عمر البشير، باحترام نتيجة الاستفتاء، لكنهم أبدوا أيضاً «قلقهم العميق» بشأن الوضع في منطقة أبيي، المتنازع عليها، والواقعة على الحدود بين الشمال والجنوب، وذكروا «الجانبين بمسؤولياتهما للخروج سريعاً من المأزق».
من جهته، أكد وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، أن مصر ستتعامل مع نتيجة استفتاء حق تقرير المصير لجنوب السودان مهما كانت، وذلك بشكل يدعم السلام والتنمية في المنطقة.
وشهد الجنوب أمس اشتباكات محدودة اقتصرت على ولاية الوحدة، وأدت إلى عرقلة التصويت في أحد مراكز الاقتراع، في وقت تشهد فيه الأوضاع في منطقة أبيي توتراً ملحوظاً، بعد سلسلة من الاشتباكات خلال اليومين الماضيين بين قبيلة المسيرية والدينكا نقوك، ما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى.
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)