أشاد رئيس حزب «النهضة» الإسلامي المحظور، راشد الغنوشي، بدور الزعيم الليبي معمر القذافي في دعم «الثورة الشعبية» في تونس، في موقف غريب، ولا سيما أن القذافي كان من أقرب المقربين للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وكان معارضاً لإطاحته. ويأتي موقف الغنوشي تزامناً مع انطلاق مسيرة في اليوم الثاني للحداد الرسمي، أول من أمس، من وسط جنوب تونس الفقير، ووصلت أمس الى وسط العاصمة لتحاصر مقر رئاسة الحكومة وتهتف ضدّها وتدعو إلى إسقاطها.وأوردت صحيفة «قورينا» الليبية القريبة من نجل الزعيم الليبي، سيف الإسلام، أن الغنوشي أكد للأخير «نحن على دراية بموقف القائد (القذافي) المساند دائماً للشعوب، فقد دأب طوال مسيرته على دعم الثورة الشعبية وحرّض عليها». وأشار الغنوشي الى أن مسميات وآلية عمل اللجان الشعبية التي ألّفها التونسيون للحافظ على الأمن عقب إطاحة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي تقترب كثيراً مما تطبّقه ليبيا في عملية التسيير الشعبي.
وتوجه الغنوشي إلى سيف الإسلام قائلاً «إننا نعرف أنكم قاطعتم زين العابدين بن علي منذ ست سنوات عندما رفض الاستجابة لوساطتكم بإطلاق سراح سجناء حزب النهضة». وأضاف «لاحظنا أنكم قد امتنعتم منذ ذلك الحين عن زيارة تونس، وسنلتقي المرة المقبلة في تونس بعدما تعوّدنا أن نلتقي دائماً في المنفى».
من جهة ثانية، رفض الغنوشي أي مقارنة بينه وبين الزعيم الإيراني الراحل روح الله الخميني. ووصف في تصريحات لقناة «الجزيرة» حركته بأنها إسلامية معتدلة وديموقراطية. وأضاف إنه «ليس الخميني وليس شيعياً».
في هذه الأثناء، انطلقت «قافلة التحرير» عفويّاً من منزل بوزيان صباح أول من أمس، ووصلت إلى العاصمة أمس بعدما انضمّ إليها نقابيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان.
وبين المشي والسيارات، ردّد نحو ألف متظاهر «الشعب يريد استقالة الحكومة» و«يسقط نظام السابع يسقط عميل وتابع». ودخلوا شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي قبل أن يتجمعوا أمام وزارة الداخلية، حيث رفعوا صورة ضخمة لمحمد البوعزيزي. كما أحاط المئات بمقر رئيس الحكومة محمد الغنوشي.
وبدأت القافلة بنحو 300 شخص من بلدة منزل بوزيان، وسرعان ما أخذ الموكب يتسع مع اقتراب الجمع مساء من بلدة الرقاب (وسط غرب). وقال النقابي محمد الفاضل المشارك في المسيرة إن العدد بلغ 2500 شخص. ومرت القافلة في الرقاب ثم في القيروان، وصولاً الى العاصمة. وأكدت المدرسة والنقابية ربيعة سليمان «أنها مسيرة عفوية وقد قررها الشباب، ودورنا كنقابيين هو تأطيرها». وأضافت إن «الهدف من هذه القافلة هو إسقاط الحكومة وخصوصاً الوزراء المنبثقين عن التجمع» الدستوري الديموقراطي الحزب الحاكم سابقاً.
كذلك شارك العديد من عناصر الشرطة، بالزي الرسمي واللباس المدني، في تظاهرات العاصمة. ورُفعت لافتات «الشعب حرر الشرطة» و«بن علي الشرطة تبصق عليك». وطالبوا بتأسيس نقابة للشرطة.
وبالتوازي، شهدت مدينة سيدي بوزيد مهد «ثورة الياسمين» تظاهرة لنحو مئة شرطي أعلنوا أنهم أيضاً ضحايا النظام السابق. ورغم إعلان الحكومة استئناف الدراسة في المدارس والجامعات ابتداءً من اليوم، وإعلان وزير التعليم العالي أحمد إبراهيم إعادة فتح الجامعات التونسية المغلقة منذ العاشر من كانون الثاني تدريجاً ابتداءً من الثلاثاء، دعت النقابة الوطنية للتعليم الثانوي الى إضراب مفتوح بداية من الاثنين (اليوم) للمطالبة بحل الحكومة الانتقالية.
من جهة ثانية، طالب حزب المؤتمر من أجل الجمهورية بزعامة المعارض التونسي منصف المرزوقي بتأليف مجلس وطني تأسيسي لصياغة دستور جديد وباستقالة الحكومة الانتقالية.
وكي تحقق «ثورة الياسمين» أهدافها ومن أجل التصدي «للقوى المضادة»، أعلنت 8 تنظيمات سياسية يسارية وقومية عربية في تونس تأليف «جبهة 14 كانون الثاني» (يوم سقوط بن علي) والعمل على «صياغة دستور ديموقراطي جديد». وقالت في بيان إن مهمات الجبهة تتمثل بالخصوص في «إسقاط حكومة (رئيس الوزراء محمد) الغنوشي الحالية أو أي حكومة تضم رموز النظام السابق».
كما ستعمل على «حل حزب التجمع الدستوري الديموقراطي ومصادرة مقارّه وأملاكه وأرصدته المالية». ودعت الى «مقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني ودعم حركات التحرر في الوطن العربي».
من جهة ثانية، ذكرت صحيفة «الشروق» اليومية الخاصة أن ثلاثة من أعضاء المجلس التأسيسي لعام 1955 هم أحمد المستيري وأحمد بن صالح ومصطفى الفيلالي توجهوا الى الرئيس المؤقت فؤاد المبزع وأعلموه أنهم كوّنوا مجلساً وطنياً للثورة يتألف من كل الأحزاب والتيارات والمنظمات التونسية مطالبين بـ«تأليف حكومة إنقاذ وطني مع أولوية إعداد الدستور». لكن المبزع نفى أن يكون قد وافق على اقتراح إنشاء «مجلس وطني لتأطير الثورة»، كما ذكرت الصحيفة.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار)