شهدت العاصمة اليمنية أمس عودة المعارك بين القوات الحكومية الموالية للرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، وأنصار زعيم قبائل حاشد، صادق الأحمر، بعد انهيار الهدنة الهشة التي نجح وسطاء يمنيون في إرسائها يوم الخميس الماضي، فيما تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة ودفع البلاد نحو حرب أهلية.
وأدت المواجهات التي تجددت منذ ليل أول من أمس في حي الحصبة في شمال صنعاء حيث يقع منزل الأحمر، إلى مقتل سبعة من أنصاره، فيما تحدث شهود عن ارتفاع سحابة من الدخان الأسود من منزل الأحمر بعد تجدد القصف عليه. واتهمت السلطات الأحمر بإنهاء الهدنة، فيما اتهمت مصادر قريبة من الأحمر السلطات بخرق الهدنة من خلال إطلاق النار مجدداً على منزل الأحمر، الأمر الذي أدى إلى تجدد المعارك.
وفي السياق، أعلن مدير مكتب الأحمر عبد القوي القيسي «سيطرة أنصاره على عدد من المباني الحكومية»، بينها مبنى وزارة الداخلية والمقر الرئيسي لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، ومبنى هيئة المساحة وقسم شرطة الحصبة ومبنى وزارة الإدارة المحلية، فيما أعلنت السلطات اليمنية سيطرة أنصار الأحمر على مؤسسة المياه والريف والشارع المؤدي إلى مبنى التلفزيون اليمني.
أما في تعز، فلم يكد المعتصمون ينهون لملمة جثث أقرانهم الذين سقطوا في مجزرة ساحة الحرية قبل يومين، حتى أعاد النظام استهدافهم، مسبباً مقتل سبعة محتجين. وذكر شهود عيان أن خمسة متظاهرين سقطوا وفارقوا الحياة بين أيدي رفاقهم في وسط تعز، فيما قتل اثنان آخران عندما حاولت حشود من أبناء الأرياف المجاورة لتعز الدخول إلى المدينة للتظاهر واشتبكوا مع الشرطة. ولفت الشهود إلى أن حالة من الفوضى تعم تعز، بعدما سجل انتشار أمني كثيف لمنع تنظيم تظاهرات ضخمة يسعى المحتجون المطالبون بإسقاط النظام إلى تنظيمها، تنديداً باقتحام السلطات ساحة الاعتصام وإخلائها بالقوة.
على صعيد آخر، قتل 21 جندياً يمنياً وأُصيب عشرات آخرون بجروح في المواجهات المستمرة مع مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى تنظيم القاعدة في مدينة زنجبار، ليرتفع عدد الجنود والضباط الذين قتلوا منذ بدء المواجهات قبل أيام إلى 85، فيما لم يعرف على وجه الدقة عدد قتلى التنظيم الذين قدرتهم مصادر مستقلة بأنهم لا يقلون عن مئتي قتيل. وفيما شنّ سلاح الجو اليمني لليوم الثاني قصفاً صاروخياً استهدف مواقع يعتقد أنها لمقاتلي التنظيم، انفجرت سيارة مفخخة لدى مرور قافلة عسكرية قرب مدينة زنجبار أدت إلى مقتل 5 جنود.
وفي خضم التصعيد السياسي والعسكري، الذي يشهده اليمن على أكثر من جبهة، تزايدت الضغوط على الرئيس اليمني لتوقيع اتفاق نقل السلطة الذي توسطت فيه دول خليجية.
وفي السياق، أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أن استخدام القوة في تعز باليمن قد «صدمها»، وكررت مطالبة الرئيس اليمني بالتوقيع «فوراً» على اتفاق انتقال السلطة، فيما نددت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي، بالاستخدام المفرط للعنف مع المتظاهرين المناهضين للحكومة.
من جهته، طالب وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، ألستير بيرت، الحكومة اليمنية وقوات الأمن بممارسة ضبط النفس والإيفاء بمسؤولياتها لحماية الشعب اليمني وصيانة الحقوق والحريات الأساسية التي من حقه التمتع بها، ومحاسبة المسؤولين عن استخدام القوة المفرطة. وحذّر النظام اليمني من «أن يد العدالة الدولية طويلة، وعليه أن يدرك ذلك»، فيما دعا المواطنين البريطانيين الذين لا يزالون في اليمن إلى «المغادرة فوراً».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)