أوباما يعلن سحب ثلث قوّاته بحلول 2012... و«طالبان» تعدّ القرار «رمزياً»

شجّع إعلان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سحب ثلث قوات بلاده من أفغانستان بحلول سنة، دولاً أخرى في حلف شمال الأطلسي وأوروبا على إعلان خطوات مماثلة، وخصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تتخبط فيها معظم هذه الدول
غداة إعلان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، سحب 33 ألف عنصر بحلول عام 2012 من أصل نحو 99 ألف جندي أميركي منتشرين حالياً في أفغانستان، أعلن الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، أنه سيقتفي أثر الولايات المتحدة في بدء انسحاب تدريجي للقوات من أفغانستان، في خطوة من المرجح أن تدعمه قبل الحملة الانتخابية في 2012. وتزامن هذا الاعلان مع تصريح بريطاني عن بدء إجراء مفاوضات مع حركة «طالبان» المتشددة.
وقال ساركوزي، في بيان أصدره مكتبه في باريس عقب اتصال هاتفي بينه وبين أوباما، «نظراً لما شهدناه من تقدم ستبدأ فرنسا انسحاباً تدريجياً لقوات الدعم التي أرسلت إلى أفغانستان على نحو متناسب وفي إطار زمني مشابه لانسحاب التعزيزات الأميركية». وأضاف البيان «أكد الرئيس في مشاورات مع الحكومة أن فرنسا لا تزال ملتزمة بالكامل مع حلفائها إلى جانب الشعب الأفغاني لإنجاز العملية الانتقالية».
وكانت فرنسا، التي تنشر نحو أربعة آلاف جندي في أفغانستان، وقتل من جنودها هناك 62، قد قالت إنها ستبدأ إعادة انتشار القوات وتسليم المناطق التي يسيطر عليها للجيش الأفغاني في 2011.
وفي روما، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتّيني، أن«إيطاليا وغيرها من بلدان التحالف ملتزمة باتّباع الهدف ذاته، وهو إحكام سيطرة القوات الأفغانية على البلاد حتى عام 2014».
أما بريطانيا، فقد أعلن موقفها رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، الذي قال إن خفض حجم القوات الأميركية في أفغانستان لن يؤدي إلى الحد من الضغوط على التمرد القائم هناك. غير أن وزير خارجيته، وليام هيغ، كشف في الوقت نفسه، أن بريطانيا على اتصال بمقاتلي طالبان للمساعدة على تمهيد الطريق نحو سلام في أفغانستان. وأضاف لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن «اتصالات تجرى مع طالبان».
من جهتها، أكدت الصين احترامها لاستقلال أفغانستان وسيادتها.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن هذا الموقف جاء تعليقاً على قرار الرئيس الأميركي، سحب 33 ألف جندي من قوات بلاده الموجودة في أفغانستان.
ونقلت «شينخوا» عن المتحدث باسم وزارة الخارجية، هونغ لي، قوله إن «الصين تتوقع انتقالاً سلمياً ومستقراً للسلطة الأمنية في أفغانستان من القوات الدولية إلى القوات الأفغانية».
بدوره، رأى الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، اندرس فوغ راسموسن، أن «التقدم» الذي أُحرز في أفغانستان يتيح هذا الانسحاب الجزئي.
وقال إن «حركة طالبان تتعرض للضغط، والقوات الأمنية الأفغانية تزداد قوة يوماً بعد يوم، وستتمكن من تسلم المهمّات من القوات الدولية في 2014».
من جهته، قال وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيله «هدفنا هو أيضاً في نهاية هذه السنة التمكن من خفض للمرة الأولى عديد الوحدة الألمانية» المنتشرة في شمال البلاد، والبالغ عددها خمسة آلاف جندي.
وعلى الصعيد الأفغاني، رحب الرئيس حامد قرضاي بالانسحاب الوشيك للقوات الأميركية من بلاده، وحث مواطنيه على تحمل المسؤولية عن أمن بلادهم. وأضاف، في مؤتمر صحافي في القصر الرئاسي في كابول، «نحن نؤيد هذا القرار، وأتقدم بالتهنئة إلى شعب أفغانستان. وأتمنى أن ينعم أبناء أفغانستان بالأمان في وطنهم بأيديهم».
لكن حركة طالبان التي لا تزال تمارس نشاطها بعد إطاحتها من الحكم قبل عشر سنوات، رفضت إعلان أوباما بوصفه «رمزياً». واشترطت انسحاباً فورياً وشاملاً لوقف «سفك الدماء الذي لا طائل منه».
وكان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قد أعلن أن الولايات المتحدة رغم عقد من الحروب التي خاضتها، لا ينبغي أن «تنزع الى العزلة»، بل أن تبقى مفتوحة أمام احتمالات التدخل دولياً إذا اقتضت الضرورة. ومع إعلانه بدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان، أقرّ أوباما بالكلفة الباهظة للحروب التي خاضتها بلاده على الصعيد الدولي، لكنه سعى إلى طمأنة الأميركيين الذين باتوا أقل دعماً للتدخل العسكري، بقوله إن «موجة الحرب آخذة في الانحسار». وقال «نحن لا نسعى إلى تأسيس إمبراطوريات، بل إلى إتاحة الحق في تقرير المصير. لذا فإننا معنيون بطموحات الشعوب نحو الديموقراطية، التي تتلاطم أمواجها في العالم العربي حالياً».
وتطرق أوباما للحديث عن الكلفة الباهظة والمؤلمة للحرب، مشيراً الى مقتل قرابة 4500 أميركي في العراق، وأكثر من 1500 في أفغانستان، فضلاً عن أعداد تفوق ذلك بكثير ممن أُصيبوا بإعاقات بدنية ونفسية. كذلك لم ينس وضع الاقتصاد الأميركي الذي يترنح في تعافيه ما يهدد فرص إعادة انتخابه في 2012، مشيراً الى أن بدء اميركا سحب قوات لها في الخارج يفتح صفحة جديدة.
في المقابل، رأى رئيس الأركان الأميركية المشتركة، مايكل مولن، أن خطط أوباما «تتجاوز المدى الذي كنا نتوقعه وتنطوي على مخاطر اكثر مما كنا مستعدين لقبوله».
(رويترز، أ ف ب، يو بي آي)