فيما كان متحدث عسكري باسم المعارضة الليبية يتحدث عن السيطرة على 95 في المئة من بلاده، بقيت العديد من المناطق تعيش فرحاً بالنصر مشوباً بالحذر، وذلك بسبب بقاء بعض الجيوب التابعة للزعيم المخلوع معمر القذافيغداة سيطرة المعارضة الليبية على معقل العقيد معمر القذافي في باب العزيزية بجنوب طرابلس، تواصلت معارك عنيفة أمس في العاصمة الليبية وبعض المناطق الأخرى التي لا يزال فيها مقاتلون تابعون للسلطة البائدة، وخصوصاً بالقرب من باب العزيزية، فيما تمكن صحافيون أجانب كانوا محتجزين منذ يوم الأحد الماضي في فندق «ريكسوس» من مغادرته.
وكان نحو ثلاثين صحافياً أجنبياً قد احتجزهم عناصر تابعون للقذافي في فندق «ريكسوس»، حيث كان نجل القذافي سيف الإسلام في الأيام الأخيرة. وتمكن الصحافيون الذين عانوا منذ الأحد انقطاع المياه والكهرباء، من المغادرة إلى فندق «كورينثيا» في وسط طرابلس بعد ظهر أمس.
وفي وقت لاحق، أصيب صحافيان فرنسيان، مصور لقناة «فرانس 2» وآخر لمجلة «باري ماتش»، بالرصاص في طرابلس خلال اشتباكات حول مقر العقيد معمر القذافي، إلا أن حياتيهما ليستا على ما يبدو في خطر كما أعلنت وسائل الإعلام. وقال مقاتلون إنهم يناورون بهدف مباغتة مقاتلي القذافي في الحي القريب من فندق ريكسوس، بينما خلا العديد من الطرق في وسط طرابلس بسبب انتشار «عشرات» القناصة الموالين للقذافي.
وأكد المتحدث باسم اللجنة العسكرية لتوحيد جبهات القتال، العقيد عبد الله أبو عفارة، لقناة «الجزيرة» الفضائية إنه «في عموم ليبيا نسبة 90 أو 95 في المئة تحت سيطرة الثوار». كذلك، واجه الثوار مقاومة غير متوقعة من القوات الموالية للقذافي في بن جواد (شرق)، ما عرقل زحفهم نحو سرت، معقل قبيلة القذافي. وواصل الثوار تضييق الخناق على سرت، حيث بدأت محادثات مع القبائل المحلية للاتفاق على دخول المدينة سلماً. وفي حديث لقناة «العربية»، دعا ابن عم العقيد الليبي، المنشق أحمد قذاف الدم، أبناء قبيلة القذاذفة لتأييد المعارضة.
في هذه الأثناء، أكد مسؤول في حلف شماليّ الأطلسي أن قوات خاصة من كل من بريطانيا وفرنسا والأردن وقطر موجودة على الأرض في ليبيا، وقد ساعدت قوات المعارضة في عمليات في طرابلس والمدن الأخرى. وقال المسؤول لشبكة «سي إن إن» الأميركية إن «القوات البريطانية على وجه الخصوص» ساعدت وحدات المقاتلين الليبيين في «تنظيم أنفسهم بنحو أفضل للقيام بعمليات»، بينما ساعدت القوات القطرية والفرنسية في عملية «التسلح».
وكشفت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن أن قادة الجيش البريطاني وقوات الأطلسي يخططون لشن الهجوم النهائي على قوات القذافي. ونسبت الصحيفة إلى ممثل المجلس الوطني الانتقالي لدى لندن، جمعة القماطي، قوله إن «تعزيزات من 2000 مقاتل من قوات المعارضة دخلت إلى طرابلس بعد أن اخترقت الخطوط الدفاعية لقوات القذافي، وستحدث تغييراً على الأرض».
وفي خطاب يوضح بعض ملامح المرحلة المقبلة التي ستشهدها ليبيا، أكد رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، أن الانتخابات ستنظم في البلاد بعد ثمانية أشهر. وقال، في مقابلة نشرتها صحيفة «لا ريبوبليكا» الإيطالية أمس: «سنجري الانتخابات التشريعية... والرئاسية في غضون ثمانية أشهر. نريد حكومة ديموقراطية ودستوراً عادلاً. كذلك لا نريد الانعزال عن العالم كما كنا قبل الآن». وتابع: «ينبغي أن تكون ليبيا الجديدة بلداً مختلفاً عن السابق يستند إلى أسس الحرية والمساواة والأخوة».
ورداً على سؤال عن موقف المجلس من الدول الأخرى، قال عبد الجليل: «أريد التأكيد أن ليبيا الجديدة ستقيم علاقات وثيقة مع الدول الأخرى على أساس الاحترام المتبادل والتعاون. سنكون عنصراً فاعلاً في المجتمع الدولي وسنحترم جميع الاتفاقيات التي وقعناها في السابق». وأضاف: «كما سنضمن احترام البلاد لحقوق الإنسان ودولة القانون، وأن تساهم في ترسيخ السلام والأمن الدوليين». وتابع: «ستكون لليبيا ما بعد القذافي علاقات خاصة مع الدول التي دعمت نضالنا من أجل التحرير منذ البداية. وإيطاليا بالطبع من بين تلك الدول». وأشار إلى أن المعارك أدت إلى مقتل أكثر من 400 شخص وجرح ألفين منذ بدء هجوم الثوار على طرابلس السبت، حيث ألقي القبض على 600 من جنود القذافي.
في المقابل، أعلن المتحدث باسم النظام الليبي، موسى إبراهيم، لمحطة «العروبة» التابعة للنظام، أن أكثر من 6500 متطوع وصلوا في الساعات الماضية إلى طرابلس، واعداً بمد المتطوعين بالذخيرة والسلاح. وادعى أنه مستعد لمقاومة قوات المعارضة لمدة شهور أو حتى سنوات، مهدداً بجعل ليبيا «بركاناً وحمم نار» تحت أقدام «الغزاة وعملائهم الخونة».
من جهة أخرى، نسبت صحيفة «هآرتس» إلى من وصفته بأنه أحد قادة المعارضة الليبية، أحمد شباني، قوله «إننا بحاجة إلى أية مساعدة من أية جهة في المجتمع الدولي وبضمنها إسرائيل». وأضاف شباني، الذي ذكرت الصحيفة أنه مؤسس الحزب الديموقراطي الليبي ونجل وزير سابق في العهد الملكي ويعيش في لندن، «إننا نطلب من إسرائيل أن تمارس تأثيرها في إطار المجتمع الدولي لوضع نهاية لحكم القذافي وعائلته الاستبدادي ولسنا بحاجة إلى أكثر من ذلك في هذه المرحلة».
ولم يسلم الجسم الصحافي من آثار الحرب؛ إذ خُطف 4 صحافيين إيطاليين قرب مدينة الزاوية مساءً، على يد مجموعة من مقاتلي القذافي.
بدوره، أعرب وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي، الذي ظل يحتل هذا المنصب حتى سقوط نظام القذافي، عن اعتقاده، في مقابلة مع تلفزيون «تشانل فور نيوز» البريطاني، أن الحرب الأهلية في ليبيا انتهت فعلياً. وسُئل العبيدي عما إن كان الصراع قد انتهى، فقال: «نعم، هذا ما أراه»، متابعاً: «لو كنت المسؤول عن مقاتلي العقيد، لقلت لهم: ألقوا السلاح».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)