بينما كان المسؤولون السودانيون مشغولين في العلن بمهاجمة الحركة الشعبية لتحرير السودان وبعض الحركات المتمردة قي دارفور لصلاتهم بالدولة العبرية، كان مستشار الرئيس السوداني، مصطفى عثمان اسماعيل، وفقاً لما أظهرته برقيات «ويكيليس» حريصاً على خطب ود الأميركيين، عارضاً في اطار تعزيز العلاقات معهم تطبيع السودان لعلاقاته مع اسرائيل. وأظهرت برقية تعود إلى عام 2008، وتحمل الرقم «08KHARTOUM1133» عثمان يعرض على مسؤول الشؤون الأفريقية في الخارجية الأميركية، البرتو فرنانديز، ملامح استراتيجية جديدة أعدتها الحكومة السودانية للتعامل مع الولايات المتحدة، قائلاً «الحكومة صاغت استراتيجية للعمل مع الولايات المتحدة ضمن أهداف آنية ومتوسطة وطويلة الأجل». وذكر أن «أحد جوانب هذه الاستراتيجية يتضمن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لأنه اذا مضت الأمور بصورة جيدة مع واشنطن، فقد تساعدوننا على تسهيل الأمور مع إسرائيل، الحليف الأقرب إليكم في المنطقة».
كذلك أبدى اسماعيل في حديثه مع المسؤول الأميركي تخوفه من عدم تقدم المفاوضات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من أن السودان «أبدى تعاوناً ومرونة»، مشيراً إلى أنه قبل تلك المفاوضات كان من الصعب إقناع الجناح المتصلب في الحكومة السودانية، مثل مساعد رئيس الجمهورية نافع علي نافع، بجدوى العمل مع الأميركيين. أما استغلال المسؤولين السودانيين لمناصبهم بغية الهيمنة على القطاع الخاص، فتناولته برقية أخرى، أكد خلالها المدير الأسبق لشركة الصمغ العربي، موسى كرامة، أن بنية الاقتصاد السوداني جرى حرفها تماماً لمصلحة الموالين للحكومة، والوزارات تكافئ الموالين لها في الجيش والشرطة والأمن بمنحهم الهيمنة على الشركات شبه الخاصة. وأورد كرامة مثلاً للثراء الذي يتمتع به المسؤولون السودانيون، مشيراً إلى أن نجل وزير التربية والتعليم، إبراهيم أحمد عمر، توفي عام 2007، ورغم أنه لم يكن يعمل، إلا أنه كان يمتلك 120 مليون دولار في حسابه الخاص، وقد حاولت زوجته الاستحواذ على هذه الأموال، إلا أن المؤتمر الوطني صرح بأن الحزب أوكلها إليه، قبل أن يستولي على هذه الأموال وينقلها إلى حساب آخر.
في هذه الأثناء، تجددت المعارك في ولاية النيل الأزرق السودانية بين القوات النظامية ومسلحين يتبعون للحركة الشعبية لتحرير السودان ـــــ قطاع الشمال. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية عن متحدث باسم الجيش قوله إن الجيش السوداني خاض قتالاً مع مجموعات مسلحة قرب باو، جنوبي الدمازين عاصمة الولاية، وألحق بها «خسائر فادحة». وقُتل وأُصيب عدد من الجنود.
إلى ذلك، أفاد مصدر عسكري تشادي أن القوات المسلحة التشادية والسودانية موضوعة في «حالة تأهب قصوى» بعد عبور متمردين سودانيين قاتلوا في ليبيا الحدود التشادية في اتجاه السودان. وأشار المصدر إلى أن «عناصر حركة العدل والمساواة (اكثر المجموعات تسلحاً في دارفور غرب السودان)، غادروا ليبيا الأسبوع الماضي، على متن «حوالى مئة سيارة» وعبروا الحدود التشادية الى المنطقة المشتركة لحدود بلدان ثلاثة» هي تشاد وليبيا والسودان. وأوضح المصدر أن «المتمردين وصلوا الى الحدود مدججين بأسلحة جاؤوا بها من ليبيا».
(الأخبار، أ ف ب)