فيما تراجع الثوار الليبيون على جبهة سرت، أعلن حلف شمالي الأطلسي، أمس، أنه واثق من إنهاء العملية في ليبيا في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة. لكن مفاجأة الحكومة الليبية الثورية كانت بإعلان عثورها على أصول قيمتها 23 مليار دولار لم ينفقها النظام السابق، فيما قالت مصادر ليبية لتلفزيون «العربية» إن رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي اعتقل في تونس، حيث حوكم بالسجن ستة أشهر لدخوله البلاد بطريقة غير شرعية. في هذه الأثناء، أعلن المتحدث العسكري باسم المجلس الوطني الانتقالي الليبي أحمد باني أن «شخصيات مهمة (من أركان نظام القذافي) هربت من سبها (750 كيلومتراً جنوبي طرابلس) باتجاه النيجر»، بعد سقوط هذه المدينة في أيدي الثوار. وقال باني، في مؤتمر صحافي عقده في طرابلس، إن الثوار «سيطروا على سبها بالكامل مع بقاء بعض جيوب مقاومة من القناصة يقاتلون من أجل أنفسهم لا من أجل الطاغية» القذافي، مشيراً إلى أن «الكثير من الطوارق يقاتلون الى جانب الثوار» وشاركوا في تحرير مدينة أوباري القريبة من سبها.
وعن مدينة سرت (370 كيلومتراً شرقي طرابلس)، قال باني إنها «لا تزال محاصرة بعد أن تمّت السيطرة على منطقة المطار وقاعدة القرضابية»، مشدداً على «أن سرت لن تستعصي على الثوار وستحرّر بالكامل». لكن قائد كتيبة تابعة للثوار، يدعى مصطفى بن درداف، أعلن أمس «وقف القتال على جبهة سرت لمدة أسبوع بسبب النقص في الذخيرة». وقال إن الهدف حالياً هو تعزيز المكاسب على الأرض وإقامة «خط دفاعي قوي» في سلطانة على بعد 30 كيلومتراً شرقي سرت، موضحاً «استخدمنا جرافات أمس لحفر خنادق». وعن الجبهات الأخرى، قال بن درداف «طلبنا من الجبهات الأخرى وقف إطلاق النار لتنسيق تحركنا بنحو أفضل، لكن ليست لدينا معلومات عن نيّاتهم». في هذا الوقت، تمكّنت قوات المجلس الانتقالي من قطع الطريق التي تربط بين مدينتي سرت والجفرة في أعقاب سيطرتها المطلقة على المدن الواقعة في محيط واحة الجفرة الصحراوية رغم القصف العنيف لكتائب القذافي لمدينة هون هناك. وأعلن المسؤول العسكري للثوار في مدينة مصراته، فتحي الباشا، أنهم «سيطروا بالكامل» على واحة الجفرة التي وجدوا فيها «مستودع أسلحة كيميائية» بات «تحت سيطرة الثوار في الوقت الحاضر».
وعلى صعيد المواجهات الجارية على جبهة بني وليد، قال الثوار إنهم يستعدون لشن هجوم كاسح على معاقل كتائب القذافي المتحصّنة على مشارف جبل المدينة في «غضون 48 ساعة». وقال مسؤولون في المجلس الانتقالي إن سبعة من مقاتلي المجلس قتلوا في كمين نصبه جنود موالون للقذافي داخل بني وليد.
وفي طرابلس، شارك رجال ونساء وأطفال ليبيون في اجتماع حاشد ليبعثوا برسالة إلى قادتهم الجدد في المجلس الانتقالي مفادها أنهم يرغبون في إعادة بناء بلادهم سلمياً. وطالب الاجتماع الحاشد أيضاً من لا يزالون يحتفظون بالسلاح في البلاد بعدم استخدامه في الاعتداءات حتى تعطى للبلاد فرصة لالتئام جراح الحرب.
من جهته، قال قائد عملية «الحامي الموحد»، التي يقودها حلف شمالي الأطلسي في ليبيا منذ آذار الماضي، الجنرال الكندي شارل بوشار، «أنا واثق تماماً بقدرتنا على إنهاء هذه المهمة قبل انتهاء هذه المهلة». وغداة تمديد الحلف مهمته ثلاثة أشهر، قال الأمين العام للأطلسي اندرس فوغ راسموسن إن المقاتلات ستظل في الجو ما دام المدنيون يواجهون خطراً، إلا أن الحلف سيواصل تقويم المهمة، ويمكن أن يوقفها «في أي لحظة». وأضاف «نحن مصمّمون على مواصلة مهمتنا أطول فترة ضرورية، مع استعدادنا لإنهائها في أسرع وقت»، مشيراً إلى أن التمديد «قرار تقني» في المهمة التي استمرت ستة أشهر.
من جهة أخرى، قال مسؤول بريطاني لصحيفة «فايننشال تايمز» إن عثور الحكومة الليبية على أصول قيمتها 23 مليار دولار لم ينفقها نظام القذافي «يضاهي العثور على عدة مليارات من الدولارات تحت الفراش»، مضيفاً أن ذلك قدّم دفعة كبيرة لجهود حكام ليبيا الجدد لإدارة البلاد بعد العثور على الأصول في خزائن الدولة الليبية في المصرف المركزي.
وأبلغت الحكومة الليبية المملكة المتحدة، الأسبوع الماضي، العثور على 28 مليار دينار ليبي، أي ما يعادل 22.8 مليار دولار، في المصرف المركزي الليبي.
بدوره، أكد منسّق القطاع المالي في «فريق استقرار ليبيا»، وفيق الشاطر، العثور على الأصول في المصرف المركزي الليبي. وأبلغ الشاطر «فايننشال تايمز» «أن الأموال كافية لإدارة البلاد لمدة ستة أشهر استناداً إلى أنماط الإنفاق التاريخية، وجرى وضعها تحت حراسة مشددة، وستستُخدم للإنفاق على إعادة الإعمار وإحياء البلاد والخدمات
الاجتماعية».
إلى ذلك، اعترفت الحكومة الجزائرية بالسلطة الليبية الانتقالية كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)