الرباط | لا تزال قضية الشبكة الإرهابية، التي قالت قوات الأمن المغربية إنها فككتها نهاية الأسبوع الماضي، تتفاعل في الصحف المغربية وتستأثر باهتمام الرأي العام. وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أعلنت عن تمكن الشرطة القضائية من توقيف ثلاثة مواطنين مغاربة بمدينة الدار البيضاء ينشطون في خلية، أطلقوا عليها اسم «سرية البتار»، كانت تستهدف تصفية مسؤولين أمنيين بارزين وشخصيات يهودية، فيما كان الهدف الأبرز «إسقاط الحكومة المرتدة» عبر شن حرب عصابات لقلب نظام الحكم وإقامة حكومة إسلامية.وبحسب المعطيات التي أعلنتها الداخلية المغربية، فإن أمير الخلية مواطن يدعى معاذ إرشاد، وهو صاحب شركة للمعلوماتية، ومساعداه هما أخوه غير الشقيق يونس عياد، ومحمد خير الدين، الذي سبقت إدانته في خلايا كانت تجند مغاربة للقتال في العراق.
بداية قصة تعقب الخلية انطلقت منذ سنة 2005، حينما كان الخيط الوحيد الذي يتوافر لدى أجهزة الاستخبارات المغربية هو اسم مستعار يستعمله شخص ما في مواقع جهادية وهو «درع لمن وحّد»، قبل أن تنجح في تعقبه وتحديد هويته ومكانه ليبقى تحت المراقبة. تصفه عناصر الاستخبارات بالخبير في البرامج المعلوماتية، إذ تمكن من ربط علاقات مع تنظيم «القاعدة في المغرب الإسلامي»، ونجح في الاتصال بعملائهم الميدانيين وعرض عليهم صفقة دعمه بالسلاح، في مقابل توفير نظام معلوماتي آمن لاتصالات التنظيم داخل المغرب. غير أن الصفقة فشلت بعدما طلب تنظيم القاعدة وسيطاً لتنفيذ الصفقة، وهو ما عجز معاذ عن توفيره، ليقرر الاكتفاء بالموارد المحلية للمضيّ قدماً في مخططه.
أعدّ معاذ مخططاً مفصلاً عن أهداف هجماته المحتملة بعد تجميع المعلومات الكافية والوافية عن تحركات رجال الأمن والشخصيات المستهدفة، وبدأ بتوفير الأسلحة حيث عثر في منزله على خناجر وأقنعة وقفازات ومسدس بلاستيكي كان يتدرب على الرماية من خلاله.
وبحسب التحقيقات الأولية، فإن المخطط كان يستهدف الهجوم على مخفر شرطة بالدار البيضاء للاستيلاء على السلاح الناري لعناصر الأمن واستعماله في ما بعد لتنفيذ بقية عملياتهم، وخاصة عملية اغتيال رجل أعمال يهودي وصحافي فرنسي وعميد أمن إقليمي بالدار البيضاء.
وكان معاذ إرشاد (31 عاماً) يضع نصب عينيه «القضاء على الحكومة الكافرة» و«تحريض الشعب المغربي على إسقاط الحكومة المغربية ومحاربة المرتدين والكفار والصليبيين»، كما توضح رسالة كتبها باسمه المستعار على أحد المواقع الجهادية، وينتقد من خلالها ما جاء به الدستور المغربي الجديد الذي تم التصويت عليه. وقال «إن المكلفين بفهم هذا الدستور وتطبيقه وتشريع القوانين وإلزام الناس بها لا علاقة لهم بالإسلام وليسوا من أهل العلم والفقه، بل هم من فقهاء القانون الغربي».
غير أن عائلة المتهم تنفي هذه الاتهامات، إذ قالت زوجة والد «أمير الخليّة» في تصريحات لإحدى الصحف المغربية إنها صدمت عند سماعها التهم الموجهة لمعاذ. وقالت إنها لم تلاحظ في أي يوم من الأيام أي أثر للمحجوزات التي عثرت عليها الشرطة في غرفته، علماً بأنها كانت تقوم بتنظيفها بنفسها، فيما قال والده إن المسدس البلاستيكي هدية من والدته المطلقة ظل المتهم يحتفظ بها منذ أيام الطفولة. ونفت عائلة معاذ أن يكون ابنها متطرفاً، وقالت إنه شخص متديّن ولم يبد في أي يوم من الأيام اعتراضاً على الذهاب إلى الشواطئ والمسابح، بل كان يستقبل بنات الجيران لمساعدتهن في دروسهن، فيما قالت أخته إنها كانت تشتغل على حاسوبه المصادر ولم تلاحظ أي شيء غير عادي.