تستقبل البحرين خلال هذه الأيام عدداً كبيراً من الإعلاميين والمراقبين الدوليين، لتغطية صدور تقرير لجنة بسيوني لتقصي الحقائق التي عينها الملك، والمتوقع يوم الأربعاء المقبل، وعلى الأرجح سيشهدون على التوتر المتصاعد الذي تعيشه يومياً شوارع وقرى البحرين، نتيجة الاشتباكات التي لا تهدأ بين المتظاهرين، الذين باتوا يبتكرون أساليب جديدة للمواجهة، في ظل صمت دولي مدوّ حول معاناتهم، والقوى الأمنية، المتمسكة، بدورها، بحملة القمع الشاملة. وخلال الأيام الماضية، سُجّلت مجموعة من الاشتباكات التي أدت إلى مقتل فتى لا يتجاوز الـ 16 عاماً، إضافة الى إصابة آخرين بجروح. وبحسب المعارضة، فإن «الطفل علي يوسف علي حسن إبراهيم بداح (16 عاماً) من سترة ـــــ واديان ويسكن قرية الغريفة استشهد بعد دهسه بسيارة قوات الأمن فجر السبت أثناء قمع احتجاجات في قرية الجفير، وتُوفي متأثراً بجراح بالغة أصيب بها، وتقطّع جسمه إلى أشلاء نتيجة للحادث، كما أصيب اثنان آخران في الحادث».
وأكد بيان لجمعية «الوفاق» أن عملية الدهس «تؤكد أن استخدام سيارات الشرطة في دهس المتظاهرين أسلوب معتمد، وعليه الكثير من الشواهد الموثقة بالصور والفيديوهات». وقالت إن المبررات التي أعطتها الداخلية لعملية الدهس «باطلة، إذ لا يوجد زيت في الشارع، وليس هناك أي مبرر يعطي لقوات الأمن للسير بهذه السرعة، ودهس الطفل على جانب الطريق بالسرعة الجنونية».
ونقل شهود عيان أن «الحادثة وقعت بعد منتصف الليل، حيث جاءت سيارة قوات الأمن مسرعة ومصابيح السيارة مطفأة وصدمت ٤ شبان على نحو مباشر ومتعمد، اثنان أصابتهما طفيفة، والثالث انكسرت رجله، والرابع هو الشهيد الذي صدمته سيارة الأمن».
وعند تشييعه في منطقة سترة عصر اليوم نفسه «رغم الحصار الأمني وإغلاق كل المنافذ المؤدية إلى جزيرة سترة»، ردّد آلاف المشيعين «هتافات ضدّ النظامين البحريني والسعودي». لكن لم يمرّ التشييع بسلام، ووقعت اشتباكات بين المشيعين والقوات الأمنية التي أغرقت المكان بالغاز المسيل.
أما رواية الداخلية عن الأحداث الأخيرة، فعرضها المتحدث باسم وزارة الداخلية، العميد طارق الحسن، قائلاً إن «عدداً من الأشخاص تجمعوا في منطقة الجفير وأغلقوا الطريق بالحواجز والحاويات وسكب الزيت على الطريق، وكانوا يقومون بأعمال شغب وتخريب على شارع الشباب في منطقة الجفير، وبحوزتهم أسياخ حديدية وزجاجات حارقة «مولوتوف»، وأن سائق الدورية الذي دهس الفتى «فقد السيطرة على سيارته» بعد «إلقاء المتجمهرين الحجارة والأسياخ الحديدية على الدورية، وبسبب وجود زيت محركات على الشارع كان المخربون قد سكبوه»، فاصطدم بجدار «وانحشر أحد المتجمهرين بين المركبة والجدار فمات».
كذلك أشار المتحدث الى حادثة إصابة مواطنة بسيخ حديدي في رأسها، نتيجة مرورها في منطقة اشتباك بين متظاهرين والقوات الأمنية في منطقة الديه أول من أمس. وقال المتحدث باسم الداخلية إن «الداخلية تتبنى استراتيجية للتعاون الأمني الدولي ولديها تعاون وثيق بين الدول الشقيقة لضبط المحرضين على أعمال الشغب والتخريب».
وفي بيان آخر، أعلنت مديرية شرطة المحافظة الوسطى «إصابة شخصين وتعرض 4 سيارات لتلفيات إثر قيام حوالى 25 شخصاً من مثيري الشغب بإلقاء الأسياخ الحديدية والحجارة عليهم في منطقة مدينة عيسى».
في ظل هذه التطورات، كان لافتاً صدور موقف لحركة «النهضة» التونسية إزاء ما يجري من البحرين، تناقلته وسائل الإعلام البحرينية بقوة أمس، ويشير الى أنّ المكتب السياسي لـ«النهضة» رأى أن «ما حدث في البحرين عبارة عن حركة طائفية وأعمال تخريب، لا تمت إلى الربيع العربي بصلة، بل هو تشويه للثورات العربية»، وذلك عقب لقائه وفد جمعية «مبادئ» لحقوق الإنسان، أثناء زيارتها لتونس، وفقاً لما أوردت وكالة أنباء البحرين «بنا»، كما رفض المكتب «التدخلات الإيرانية في شؤون البحرين والمساس بعروبتها كجزء لا يتجزأ من الأمة العربية».
في هذه الأثناء، بدأت أمس مناورات بحرية (التمرين البحري الثنائي جسر «13») بين قوة دفاع البحرين ممثلة بسلاح البحرية الملكي، والقوات البحرية الملكية السعودية. وتستمر المناورة أربعة أيام، ويشارك فيها عدد من القطع البحرية الحربية، وقوارب الإسناد، وسفن الإنزال ومجموعة من الطائرات العمودية، وعدد من المجموعات المقاتلة. ويهدف التمرين إلى تحقيق التنسيق والتعاون والتكامل في مجال التمارين البحرية، وتبادل التجارب العسكرية، والخبرات القتالية، وفقاً لـ«بنا».
(الأخبار)