رام الله | يبدو للوهلة الأولى أن الشارع الفلسطيني مصاب بحالة من عدم الاكتراث لما حمله لقاء الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل في القاهرة، ذلك أنهم سمعوا الكثير قبل ذلك من خلال الإعلام، لكن من دون تطبيق فعلي على الأرض، ما جعلهم يفقدون مزيداً من الثقة بالكلام الكثير على إنهاء الانقسام.الناشط الحقوقي محمد غنيم رأى أن اللقاء «جزء من مرحلة التحول السياسي الذي قد يصيب بعض الأحزاب أو التوجهات السياسية في المنطقة نتيجة الأحداث الجديدة على صعيد الربيع العربي، وهو نوع من الاحتياطي السياسي الذي تمارسه إدارة حماس للإبقاء على وجودها».
محمد قال صراحة «لا يرضيني أي لقاء في ظل مصالح منفردة للطرفين. ما يرضيني هو المصلحة العامة للقضية. تغيير السياسات من أجل مصلحة الحركة أو المنظمة لم يثمر طوال الخمس سنوات الماضية. عليهم أن يقوموا بتغيير يؤثر، ويشمل باقي الفصائل والحركات من أجل مصلحة القضية في الدرجة الأولى أولاً».
أما الكاتب ياسر زهير خليل فقال لـ«الأخبار» «علينا أن ننتظر التطورات وليس الكلام. نحن سعداء حتى الآن، ونتمنى أن نرى مصالحة وطنية على أرض الواقع. علينا التأكد بعد هذه التصريحات من أن المصالحة هي الطريق الصحيح لشعبنا الفلسطيني». وتابع «نتمنى أن تحمل الأيام المقبلة دفعة إلى الأمام لتطبيق المصالحة، وتحقيق الوحدة الوطنية، والجدية في تطبيق بنود المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني».
أما الباحث الإعلامي أمين أبو وردة، فأجاب بأن «ما جاء في نهاية اللقاء كان متوقعاً، وخصوصاً أن وسائل الإعلام عرضت التوقعات بناءً على تصريحات الجانبين على مدار عدة أسابيع، ما جعل النتائج تلك أمراً اعتيادياً ومحسوماً، لكن الشارع الفلسطيني دوماً بعد التجربة ينتظر التطبيق وليس فقط الإعلان».
ويشير أبو وردة إلى أن على «الجانبين، فتح وحماس، العمل على تطبيق ما أُعلن، حتى يشعر الشارع الفلسطيني أن التصريحات تجري ترجمتها»، وذلك لاسترجاع القليل من الثقة التي فقدت، لأن المهم ألا تستمر الأمور على حالها. ففي هذه الحالة سيصاب الشارع بإحباط، وعندها سيفقد الأمل بالمصالحة إلى الأبد.
الناشطة الاجتماعية مشيرة جمال كانت ولا تزال متفائلة بنجاح اللقاء، لأنه جاء بعد دراسات ومشاورات طويلة المدى. ولكن «بعد اللقاء الفعلي لم يحدث شيء جديد يذكر سوى وعود كالعادة، ذات لهجة جديدة، وتأكيد عباس ومشعل على إنهاء الخلافات. الأيام المقبلة سوف تثبت ذلك، لأن كل ما قدّم هو خطابات دبلوماسية حتى اللحظة».
المحلل السياسي الدكتور إيهاب الدالي أكد أن الوحدة الوطنية خيار استراتيجي للشعب الفلسطيني لا جدال فيه، من أجل حماية المشروع الوطني وتكوين جبهة موحدة وقوية تستطيع أن تقف أمام غطرسة الاحتلال، وصولاً إلى تحرير كافة أراضينا. ويضيف «الشعب الفلسطيني يرى هذه المرة أن المصالحة باتت أقرب من أي وقت مضى، ولا مفرّ من عودة اللحمة الفلسطينية في ظل القتل والتدمير واغتصاب الأراضي التي تمارسه سلطات الاحتلال بطريقة منهجية وتحت غطاء أميركي، ورفض عضوية فلسطين في الأمم المتحدة».
لا تبدو الأجواء مبشّرة، سواء بدأ تطبيق المصالحة فعلياً على الأرض أو لم يبدأ. ذلك أن ما خرج من اللقاء كشف أنه جرى الاتفاق على «الاقتسام» بدل إنهاء «الانقسام»، وعلى مزيد من المماطلة في انتظار اجتماع الفصائل بعد شهر من الآن، وهو ما قد يؤدي إلى تطورات جديدة تعمّق الانقسام ولا تساعد على حله والتخلص منه إلى الأبد، لأن الشارع الفلسطيني بات مقتنعاً بأن الطرفين لا يريدان مصالحة حقيقية، بل تبادلاً للمصالح.