أكّدت مصادر قريبة من ديوان ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد، أنباء الخلاف بين الملك السعودي، سلمان، ونجله ولي العهد، محمد. وعليه، تسود خشية إماراتية من أن ينعكس الخلاف على العلاقات الوثيقة بالرياض، خصوصاً أن «علاقة مميزة» ربطت في الأعوام الأربعة الأخيرة بين ابن سلمان وابن زايد، فقد شكّل الاثنان «ثنائياً» منسجماً وصاغا سياسة مشتركة تجاه قضايا المنطقة ودولها، وكذلك العمل على ترويض بقية الدول الخليجية للاندراج ضمن ما يرسمه «المحمّدان».ووفقاً لتقرير سري صادر عن الخارجية الإماراتية، بدأ سلمان منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي يؤدي دوراً أكبر في إدارة الشؤون الحكومية، وقلّص مذّاك بعض سلطات ولي العهد بعدما كان قد أخلى الساحة له تماماً منذ توليه العرش في كانون الثاني/يناير 2015، كذلك عمد الملك إلى منح مقربين منه سلطات أوسع وأكثر تأثيراً في القرارات الحكومية.
في التقرير نفسه، أبدى سلمان انزعاجه من السياسات التي يتبعها نجله داخل المملكة، خصوصاً العام الماضي بمحاولته كسر المؤسسة الدينية، الشريكة التاريخية للعائلة المالكة لمصلحة النخب الليبرالية، فضلاً عن اتباعه سياسة خارجية قامت على تحويل تركيا من صديق إلى خصم، وعلى العداء لـ«الإخوان المسلمون»، وزيادة حدّة العداء لإيران والانفتاح على إسرائيل. يضيف التقرير أن قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، شكّل «من دون شك ضرراً كبيراً على ابن سلمان»، وكان نقطة الانعطاف التي دفعت والده إلى العودة للإمساك بمقاليد الأمور، ولو جزئياً.
وكانت صحيفة «غارديان» البريطانية قد ذكرت الشهر الماضي وجود «مظاهر خلافات» بين الملك ونجله، وأن الخلافات شهدت اتساعاً في الأسابيع الماضية حول أمور تتعلق بالسياسة الخارجية، بما فيها الحرب في اليمن، والاحتجاجات الأخيرة في السودان والجزائر. إذ يعارض سلمان قمع المتظاهرين في هذين البلدين، وطلب من الصحف السعودية تغطية الاحتجاجات الشعبية. وكشفت الصحيفة أن التوتر زاد دراماتيكياً في نهاية شباط/فبراير الماضي عندما زار الملك السعودي مصر للمشاركة في القمة العربية ـــ الأوروبية الأولى، في شرم الشيخ، حيث «حذّره مستشاروه من عملية انقلاب محتملة ضده من ولي عهده». وأشارت إلى استغلال ابن سلمان غياب والده لإجراء تغييرات رئيسية، من بينها تعيين أخيه خالد نائباً لوزير الدفاع، والأميرة ريما بنت بندر بن سلطان سفيرة لدى واشنطن.