سوسن بدرانكانت الساعة تقارب الثامنة مساءً حين عاد المدعى عليه عادل (اسم مستعار)، إلى منزله في بلدة الغازية الجنوبية. قرر أن يخلد إلى النوم، لكنّ شيئاً ما أثاره، فوقعت مشادة كلامية بينه وبين ابنته القاصر سارة (اسم مستعار)، ما لبثت أن تطورت إلى تهجّمه عليها وضرب رأسها بالزجاج. على الفور تدخلت الزوجة محاولةً حماية ابنتها، لكنّها لم تقوَ على شراسة الزوج الذي ضربها بآلة حادة على كتفها اليمنى، وذلك على مرأى بقية أفراد الأسرة.
لم تسكت الزوجة إزاء اعتداءات الزوج، وادّعت عليه لدى المراجع المختصة. خلال مراحل التحقيق تحدثت الزوجة عن الحادثة الأخيرة، وقالت إنّ الزوج المدعى عليه يتعاطى تدخين حشيشة الكيف، بالإضافة الى إدمانه المشروبات الروحية، وإنه تعرض في مرحلة سابقة للتوقيف لتعاطيه حشيشة الكيف.
استمعت المحكمة إلى الابنة سارة، على سبيل المعلومات، فأفادت بأنّ والدها أقدم بالفعل على ضرب والدتها بآلة حادة، وحاول الاعتداء عليها. وأكدت ما صرّحت به الوالدة بشأن تعاطيه المخدرات بصورة دائمة، وذلك أمام أفراد الأسرة.
قالت المحكمة إن الزوج يتعاطى المخدرات ويدمن المشروبات الروحية
عادل أنكر أثناء التحقيق الأولي وأمام القاضي المنفرد الجزائي في صيدا، ما نُسب إليه، وصرّح بأنه كان يحتسي البيرة في منزله، وبعدما استفزّته زوجته وابنته، حاول ضربهما، مردفاً بأنّ الجرح في الكتف اليمنى للزوجة المدعية، هو من جراء سقوطها عن سريرها على الأرض. وطلب عادل إعلان براءته من ممارسة العنف الأسري، ومنحه الأسباب التخفيفية. ردت المحكمة طلبات المدعى عليه، مستندة إلى الأدلة والتحقيقات المعروضة أمامها، التي تثبت ضرب الزوجة بآلة حادة وإلحاق الأذى بها، وهو فعل يؤلف جنحة المادة 554 من قانون العقوبات، كذلك فإنّ إقدامه على استعمال آلة حادة يمثّل الجنحة المنصوص عليها في المادة الـ73 من قانون الأسلحة.
في الحكم الصادر عن القاضي المنفرد الجزائي في صيدا، باسم تقي الدين، نقرأ «أن ما قام به هذا الأخير (أي الزوج) من عنف أُسري بحق زوجته وابنته القاصر، على مرأى من ناظر بقية أفراد عائلته، يمثّل انتهاكاً صارخاً ومساساً لا يستهان به بالقيم الإنسانية والعائلية. كذلك، فإنّ تعاطيه المشروبات الكحولية بصورة دائمة، على مرأى أفراد أسرته، يُقنع المحكمة بأنه يمثّل خطراً على أفراد هذه الأسرة». عززت المحكمة اقتناعها استناداً إلى ما أبداه المدعى عليه من شراسة أثناء جلسة المحاكمة تجاه أفراد عائلته، ولا سيما زوجته وابنته القاصر سارة. واستطراداً، فقد حرمته الأسباب التخفيفية، الأمر الذي يمثّل سابقة جديدة في القضاء اللبناني الذي بدأ يعاقب الزوج الذي يمارس العنف على أفراد الأسرة ويحجب عنه الأسباب التخفيفية، على أمل أن يُعَمَّم في جميع المحاكم اللبنانية.
يُذكر أن المحكمة أدانت المدعى عليه بالمادتين المذكورتين أعلاه، اللتين أدغمتهما المحكمة، بحيث نُفذت بحقه العقوبة الأشد، هي عقوبة الحبس ثلاثة أشهر، وإلزامه بدفع سبعمئة ألف ليرة لبنانية إلى الزوجة المدعية كتعويضات شخصية لها، وتدريكه جميع النفقات القانونية.