strong>علي عطويتنتظر 75 عائلة من بلدة القليلة صفارة الحكومة للشروع بإعادة إعمار منازلهم التي دمرّت خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة، بخلاف غيرهم من أبناء البلدة المتململين من البطء الشديد في وتيرة الإعمار التي تؤخر انتقالهم إلى منازلهم قيد البناء.
هم يقيمون في بيوت الأقارب والأصدقاء، ويشكون من عدم انطلاق إعادة الإعمار أصلاً في منازلهم، لأنها كانت تقع ضمن الأملاك العامّة للدولة.
يوضح رئيس بلديّة القليلة حسن أبو خليل «أنّ هناك 48 منزلاً مدمّراً بالكامل تقَع في عقارات الأملاك العامّة، بينما هناك 28 منزلاً مدمراً آخرَ تقع في عقارات تعود ملكيّتها للبلديّة. أمام هذا الواقع، يعيش أصحاب هذه المنازل في ظروف صعبة، إمّا بالإيجار أو بالإيواء عند أقاربهم، وهم بانتظار إذن السماح من الوزارة المختصّة التي أصدرت تعميماً بمنع رصف حجر على آخر، ضمن الأملاك العامّة».
ويشير إلى أنّ «أغلبيّة المباني المدمّرة في نطاق عقارات الملكيّة العامّة بُنيت منذ الثمانينيّات، أيّ في أيّام الحرب والفوضى، وهذا الأمر ينطبق على مختلف الأراضي اللبنانية، لكنّ مساحة المشاعات زادت، وذلك يعود إلى حاجة الناس الذين لا يملكون أراضيَ من جهة، ولوجود هذه العقارات في وسط البلدة من جهة أخرى، مما زاد من أعداد المنازل الواقعة في نطاق الأملاك العامّة».
في السياق نفسه، تشبه بلدة طير دبّا جارتها القليلة إلى حدٍّ كبير. فالمشكلة نفسها يواجهها أهالي البلدتين، لكنّها تظلّ أخفّ وطأة في طير دبّا التي دفع لها مجلس الجنوب الدفعة الأولى من التعويضات منذُ ما يُقارب السنة، الأمر الذي حلحل عقدة واحدة ولم يلغها بالكامل، ويقول رئيس بلديّة طير دبّا حسين سعد: «إنّ هناك ما يقارب عشرة منازل مدمّرة بالكامل في الأراضي الخاضعة للأملاك العامّة». ويكشف عن «وجود اتصالات كثيرة في هذا الشأن لم تثمر نتائج واضحة بعد، ولأنّ الموضوع له طابع إنساني، فلا حاجة لتعقيده بقوانين وأحكام متزمّتة، علماً بأننا لسنا مع تشريع البناء في الأملاك العامّة لأسباب كثيرة، لكن لا بدّ من إعادة المنازل لأصحابها كما كانت، وخصوصاً أنّ هؤلاء لم يبنوا في مشاعات الدولة ترفاً، إنما لعدم امتلاكهم أراضي خاصة بهم».
في الإطار نفسه، يقول أحد أصحاب المنازل المدمّرة في حيّ المشاع في طير دبا علي محمود فقيه «إنّ انتظار الحكومة مطلوب في الحالتين، فقد انتظرت سنة بعد قبض الدفعة الأولى، وقد تأمّلت أن تقوم الحكومة بخطوة اتجاه من خسروا ممتلكاتهم، عبر السماح بإعادة البناء مكان المنازل المدمّرة، وهذا لم يتحقق، وبعدما مللت الانتظار وقطعت الأمل، اقتطعت جزءاً من الدفعة الأولى لشراء أرض والبدء بالإعمار بالمبلغ الباقي، ومنذ أكثر من سنة لم نستلم الدفعة الثانية وغرقنا بالديون».
ويضيف: «حتّى اليوم ما زلت غير قادر على استكمال المنزل، بالرغم من أنني تعمّدت تقليص مساحته من أجل الانتهاء منه بسهولة»...
وفي هذا الإطار، ناشد رئيس اتحاد بلديّات قضاء صور عبد المحسن الحسيني وزارة الداخلية والبلديّات منح أصحاب المنازل المهدّمة تراخيص لإعادة بنائها، تشجيعاً لبقاء المواطن الجنوبي في أرضه، ورأى «أن المسؤولين يمعنون بالتضييق على المواطنين عبر قرارات جائرة، زيادة في الضيق وحملهم على الهجرة، في ظل الأوضاع الضاغطة التي تمرّ بها البلاد».
وسط مشهد الفراغ الذي خلّفته آلات رفع الركام من المنازل المدمّرة في الأملاك العامّة، يتداعى الأطفال إلى اللعب بكرة القدم، وتتحوّل المساحات الأخرى إلى مواقف للسيّارات، بينما يقصد يوسف معتوق الذي يقيم مع عائلته في منزل أحد الأصدقاء، مكان منزلهم، كلّما اشتدّ الحنين إلى الماضي ليتنشّقوا من عبق الذكريات نسيمات المنزل الذي تحوّل يوماً إلى أطلال.