آمال ناصر
قليلات إلى لبنان في أيار المقبل ومعوقات عودته لوجستية لا سياسية

غابت حركة الناصريين المستقلين «المرابطون» بزعامة إبراهيم قليلات، المنفي (طوعاً) في الخارج، 22 عاماً، لتعود على وقع الصراعات السياسية الداخلية التي انتقلت إلى صفوف الحركة، فشقّتها إلى فريقين، واحد يقوده عماد الحسامي، يقف إلى جانب المعارضة والمقاومة، ويرى أن السياسة الأميركية «شرّ على المنطقة والمسلمين والعرب»، وآخر يقوده محمد درغام، يؤيد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة ويهاجم المقاومة ويرى أن سوريا «مشكلة المنطقة». ويتنازع الطرفان على «عباءة» قليلات، إذ يؤكد كل طرف أنه على تواصل معه، وسط الحديث المتزايد عن إصابته بمرض عضال وعن عودة «شكلية» له إلى بيروت.
وفيما كان منتظراً أن تتم العودة منذ أشهر، كشف حسامي لـ«الأخبار» «أن قليلات سيصل إلى لبنان خلال أيار المقبل»، مؤكداً «أن العوائق التي أخّرت عودته غير سياسية، بل لوجستية وتنظيمية وشخصية». ونفى ما يتم تداوله عن مرض قليلات وعجزه عن متابعة العمل السياسي، مؤكداً أن أول إطلالة إعلامية له ستكون في 15 نيسان الجاري، من دون أن يوضح شكل هذه الإطلالة، ومشدداً على «عدم وجود أية اتصالات بين قليلات ودرغام»، فيما أكد الأخير من باريس لـ«الأخبار» أن الاتصال بينه وبين قليلات «يوميّ»، رافضاً الحديث عن وسيلة الاتصال ومكان وجود قليلات وموعد عودته لأنها «من خصوصيات الحركة، والقرار ملك الأخ قليلات أولاً ورهن الظروف المعنوية والأمنية».
التباين في مواقف الطرفين لا يقتصر على هذا الموضوع فقط، بل يتعداه إلى صلب التوجّهات التنظيمية والسياسية لكل فريق.
فحسامي يتهم درغام بأنه «صنيعة (النائب السابق) عاصم قانصوه والمخابرات السورية، وكان يعمل مع (رئيس التيار الوطني الحر) النائب ميشال عون، ورافقه على متن الطائرة التي عاد بها إلى بيروت ثم انقلب عليه»، فيما يرفض درغام هذه الاتهامات، واصفاً حسامي بـ«مسيلمة (...) وصاحب السمعة السيئة في بيروت من مكان عمله في العدلية إلى مكان سكنه في بيروت». وأشار إلى أنه بقي وحيداً يتكلم باسم «المرابطون» بعد «نفينا وسجننا وقتلنا، وهو (حسامي) الوحيد الذي تعايش مع المخابرات السورية». وقال: «إن علاقتنا بالعماد عون كانت علاقة بين «المرابطون» وبينه من الندّ إلى الند، والوقائع السياسية التي جمعتنا موثّقة وموجودة، وكل ما تم كان بعلم الأخ قليلات. ونحن لم ننقلب، بل هو انقلب علينا وعلى القيم السياسية التي ناضلنا معاً من أجلها، وشارك في بناء محور شيعي (حزب الله) ــــــ ماروني (تيار وطني حر)».
وفيما يرى حسامي أن درغام «حشر نفسه في الزيارة التي قام بها وفد من «المرابطون» إلى الرئيس عمر كرامي، ويستعمل اسم «المرابطون» لغايات شخصية «وهو لم يكن أصلاً عضواً في الحركة»، مذكراً إياه باقتحام مكتب «المرابطون» برفقة العميد محمد الشعار في التسعينيات، ومشيراً إلى أن بحوزته بيانات كان يصدرها درغام ضد قليلات، تساءل درغام: «إذا لم تكن لي علاقة بـ«المرابطون» فبأي صفة رافقني عماد حسامي في زيارة الرئيس عمر كرامي بعد إعلاني استنهاض المرابطون في حزيران 2006؟».
هذا تنظيمياً، أما سياسياً فيؤكد حسامي أن علاقة قليلات بسوريا «جيدة»، فيما يرى درغام «أن سياسة أميركا في المنطقة خدمت سوريا خلال حكم مخابراتها في لبنان ثلاثين عاماً، واليوم تخدم الطموحات الإيرانية في العراق بعد سقوط الاتحاد السوفياتي حيث باتت أميركا اللاعب الأقوى في العالم»، لافتاً إلى «أن التفكك الداخلي ومشاريع الدول داخل الدول التي تغذيها إيران ستفتح لها باب التمادي في بلاد العرب، من العراق إلى لبنان». ورأى «أن الولايات المتحدة لا تعرقل حل الأزمة في لبنان، بل إن العرقلة تقوم بها قوى الانقلاب التي يسمونها معارضة»، مضيفاً: «إن تلازم المصالح الأميركية والإيرانية أو تقاطعها وما يدور في الخفاء سيكشف عنه في أرشيفات الغرب بعد 30 عاماً».
حسامي الذي كان قد هدد بالملاحقة القانونية لكل من ينتحل صفة «المرابطون»، تساءل عن «جدوى رفع دعوى ضد درغام ما دام هناك من يقف وراءه»، مشيراً إلى وجود اتصالات وثيقة بين درغام ورئيس أحد الأجهزة الأمنية، وأن عناصر من تيار «المستقبل» يرافقونه. وجدد رفضه «المتاجرة بالشعب اللبناني ودم الرئيس الشهيد رفيق الحريري»، مذكراً بمحاولات إلباس «المرابطون» جريمة اغتيال الرئيس الحريري عبر اتهام ابن أخت قليلات (قائد الحرس الجمهوري) العميد مصطفى حمدان».
لكن، هل تعبّر مواقف درغام وحسامي تجاه المعارضة والحكومة والمقاومة عن مواقف قليلات؟ يقول الأول «إن الحركة ليست ملكاً لشخص، والشورى هي أساس آلية اتخاذ القرار، ومواقفنا تجاه أي مسألة هي رهن بقرار الجماعة»، مشدداً على «أننا من أهل السنّة والجماعة الذين هم أساس القومية العربية والملتزمون بها ولم يستبدلوها بأطر فكرية مذهبية وسياسية بعيدة عن العروبة كما فعل الآخرون، والأخ إبراهيم ترك لنا حرية الخيار لأننا قادة الأرض» .
بعد هذه «المناظرة» غير المباشرة لقائدي «المرابطون» تبدو الحركة بجناحين لطائرين مختلفين. فهل تستطيع عباءة «الزعيم الصامت» أبو شاكر جمعهما؟