دمشق ــ ابراهيم عوض
الحريري لا السنيورة عمل بالنظرية القائلة إنه «لا يمكن لرئيس حكومة أن ينجح ما لم يكن على علاقة جيدة مع سوريا»


بدا وزير الخارجية السوري وليد المعلم متأثراً بعد استقباله وزير الدولة للشؤون الخارجية العراقية رافع العيساوي امس الذي يرافق الرئيس العراقي جلال الطالباني في زيارته الى دمشق. وقد استهل حديثه لـ«الأخبار» بالقول: «ها هو العراق الذي كاد يصبح يابان الشرق يتخبط في دوامة الفتنة بعد ان بات في قبضة من يريده ممزقاً ومشرذماً».
ولفت الى ان ما سمعه من العيساوي عن الحياة في بغداد وغيرها من المناطق العراقية يدمي القلب، «خصوصاً حين يعلمك بأن المرء الذي يغادر منزله لا يدري اذا ما كان سيعود اليه سالماًَ جراء اعمال القتل والاغتيال والتفجير التي تخلف يومياً عشرات الضحايا، وهذا ما حمل الرئيس الطالباني الى طلب المساعدة من الرئيس بشار الاسد الذي أبدى كل استعداده لذلك، مؤكداً ان أمن البلدين مشترك، وما يسيء لاحدهما يسيء للآخر. كما أن الخير مشترك للبلدين، فعندما يكون العراق سليماً معافى فإن ذلك ينعكس بالخير على سوريا». وفيما لفت المعلم الى ان سوريا «ستقوم بالدور الواجب عليها وستتعاون الى أبعد الحدود مع الاخوة العراقيين لتحقيق وحدة وسلامة العراق، رغم مأخذها على قرار اعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين والطريقة التي نفذ فيها الحكم والتوقيت»، رأى «أن الوفاق السياسي عامل أساس لبلوغ هذا الهدف، ولا بد من تفاهم القوى والاطراف المشاركة في السلطة والحكم قبل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة».
ورأى وزير الخارجية السوري زيارة الرئيس العراقي والوفد الكبير المرافق له الى دمشق وما صدر عنه من مواقف وعبارات ودية خاطب بها الرئيس بشار الاسد «أبلغ رسالة توجه الى الادارة الاميركية، وقد جاءت لتدحض مزاعمها وتصويرها سوريا على انها احد عوامل عدم الاستقرار في العراق».
وقال المعلم: «ان هناك في العالم العربي بلدين لا يمكن ان يحييا الا بالتوافق هما العراق ولبنان». وكشف انه خلال زيارته الأخيرة الى بغداد أبلغ رئيس المجلس الشيعي الأعلى عبد العزيز الحكيم صراحة استحالة تفرد الشيعة بالقرار في العراق آملاً الا يكون هناك من يراوده مثل هذا التفكير».
وبالانتقال الى لبنان لم يخف الوزير المعلم قلقه من حالة الاضطراب التي بلغتها الساحة الداخلية واصفاً الوضع بـ«الصعب والمعقد» أما الحل فيراه «بعدم الإصغاء الى التعليمات والتوجيهات الصادرة عن واشنطن وباريس واقدام اللبنانيين على انفتاح بعضهم على بعض والتحاور في ما بينهم للتوصل الى اتفاق يرضي الجميع».
ورداً على سؤال عن اتهام الاكثرية لدمشق بالتدخل في الشؤون اللبنانية وانحيازها الى جانب المعارضة اوضح المعلم «ان الدعم الهائل والمتكرر الذي يلقاه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة من الرئيس الاميركي جورج بوش ورئيس الحكومة الاسرائيلية ايهود اولمرت يبعث على الريبة والشك ويدعو للتساؤل عن اسبابه ودوافعه، لذلك من الطبيعي الا تقف سوريا الى جانب الفريق المدعوم من اعدائها وتؤيد المعارضة». وذكر في هذا الاطار انه طالب وزير الخارجية الالماني فرانك شتانماير حين التقاه اخيراً بأن تكف التدخلات الاجنبية في لبنان حتى تدع اللبنانيين يحلون مشاكلهم بانفسهم وهم قادرون على ذلك.
وعن تفسيره لعدم اعتماد السنيورة النظرية التي ابلغه إياها لدى مشاركته في اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت إبان العدوان الاسرائيلي على لبنان والقائلة بأنه «لا يمكن رئيس حكومة في لبنان ان ينجح ما لم يكن على علاقة جيدة مع سوريا»، اكتفى المعلم بالتذكير بأن «الرئيس الشهيد رفيق الحريري أدرك اهمية هذا التوجه وعمل به حين كان في الحكم وخارجه».
وعما يتردد عن تحسن في العلاقات السورية ــ السعودية التي تشهد حالة جمود أفاد الوزير المعلم بأن «لا جديد في هذه المسألة حتى الساعة باستثناء المواقف الطيبة والمشجعة التي صدرت قبل أيام عن كل من الرياض ودمشق على لسان ولي العهد السعودي الامير سلطان بن عبد العزيز ونائب الرئيس السوري فاروق الشرع»، مشيراً إلى أن هذه «الرسائل المتبادلة» بمثابة «غزل عن بعد».