كرم الحلوإنّ الأحداث المتفرّقة التي تجتاحنا أسبوعياً، وحتى يومياً، هي نسخة عما يحصل في أفغانستان ما بعد الاجتياح الأميركي. في الوقت الذي ظن فيه العالم أن «القاعدة» انتهت، «طلّ طلال» من نافذة جديدة وهي الإرهاب بالمفرق. الكثير من الناس ينظرون إلى أحداث أفغانستان على أنها مقاومة مشروعة ضد العدو المحتل. لكن ولمرة واحدة أرى أن هذه «المقاومة» التي تتمتع بتاريخ مخضرم بدأ بمقاومة احتلال روسي بنكهة أميركية، انتهت بممارسة الإرهاب القبلي بنكهة مذهبية عقائدية، ومن ثم إلى نهاية مرئية ما لبثت أن عادت إليها الواقعية أخيراً بنكهة أكثر أصولية و«شرق أوسطية» خليجية.
إن «غزوة بيروت» تُعدّ من أهم المفاصل السياسية الحديثة التي سببت أحداثاً رأيناها، وأخرى نتعامل معها وسنتعامل معها إلى أمد ليس بالقصير.
إن أحداث الإرهاب في لبنان تجري بوحي من «أمراء المؤمنين» في أفغانستان والعراق وباكستان. هم لا يرون في البشرية إلا مجموعة كفار لا يستحقون الأوكسجين الذي يستنشقونه، بل واجبهم أن يلحقوا خسائر متفرقة بأعدائهم لتؤدي بهم إلى النزف الحاد. وهنا لا يسعنا إلّا أن نتوقع حروب «مقاومة» بطريقة العصابات حيث إن المحررين والمقاومين قد وصلوا من جديد إلى رادار «حماة عقيدة السلف الصالح»، وبالتالي وجب الجهاد والقتل باسم الدين.
السؤال العالق في ذهني هو للإخوة المجاهدين: من يعمل لإقامة النظام الإسلامي حقاً؟ هؤلاء الذين ضحّوا بأسرهم وأرضهم وأموالهم وحريتهم لاسئصال السرطان الإسرائيلي، أم الذين تسلحوا بحجة الدفاع عن النفس من «شرّ مستطير وسلاح موجّه جنوباً»؟
غزوة بيروت كان لها دافع واضح وهدف أوضح «قطع يد من يتطاول على سلاح المقاومة». بالله عليكم، ما هي أهدافكم وما هي دوافعكم؟ ما أراه هو زحف بطيء نحو نظام طالباني، لكن بصورة «مستقبلية وهابية». أيها اللبنانيون، «طالبان المستقبل» لن تسمح لكم بلبننة حياتكم وحياة أولادكم. لن تكونوا أحراراً ولا أصحاب سيادة ولا مستقلّين، بل تابعين للتابعين إلى يوم الدين.