رامي زريقيرتكز مفهوم «التجارة العادلة» على توزيع أكثر عدالة للأرباح على مدى سلسلة الإنتاج، ما يعطي حصة أكبر للمزارعين الذين يحرمون عادة من القيمة التي تضاف إلى منتجاتهم خلال عملية البيع للمستهلك. وتشير الدراسات إلى أن ما يكسبه منتج القمح مثلاً لا يتعدى 4% من سعر مبيع رغيف الخبز، رغم ما يتحمله على مدار السنة من تعب ومن مخاطر مرتبطة بالزراعة. ومن إنجازات «التجارة العادلة» أنها تحاول تحسين واقع العمال الزراعيين، إذ إن منح شهادتها، التي تختصر سلسلة الوسطاء، مشروط بانتساب العمال إلى نقابات متخصّصة تضمن حصولهم على حقوقهم. كما أن البضائع التي تحمل إشارة «التجارة العادلة» مميزة، إذ إنها تجذب المستهلكين الذين يسعون لممارسة «استهلاك أخلاقي» يكتسب معنى سياسياً. وهناك تجارب نموذجية عديدة في المنطقة منها زيت الزيتون الفلسطيني الذي لقي رواجاً في الغرب. قد يبدو للوهلة الأولى أن «التجارة العادلة» تمثّل حلاً فعلياً للظلم الذي يرتبط بالأسواق الرأسمالية، لما يستتبعه من إعادة توزيع بعض الأرباح إلى المنتجين، إلا أنها تحظى بقسط كبير من الانتقادات، وخاصة من بعض اليساريين الذين يشيرون إلى ثغر أساسية في هذه المقاربة، التي لا تغير معادلة التجارة والأسواق الرأسمالية والاستبداد، بل تكتفي بتلطيفها. بالإضافة إلى أنها توحي للمستهلكين بأنهم يقومون بعمل سياسي في الوقت الذي يمارسون فيه مجرّد نمط آخر من الاستهلاك الذي تستفيد منه مجموعة الأثرياء نفسها. الدليل هو أن معظم الشركات العملاقة أصبحت تقدم منتجات التجارة العادلة بالرغم من سجلها الأسود، مثل شركة ستاربكس، لتكسب «المستهلك الأخلاقي». فهذا هو واقع العالم النيوليبرالي حيث كل شيء معروض في السوق لمن يقدر على شرائه، حتى المواقف الأخلاقية.