6 قتلى في حادث سير... من المسؤول؟ خالد الغربي- محمد نزال
من المسؤول عن موت 6 أشخاص وجرح 19 أمس على طريق الجية؟ لماذا وقع الحادث القاتل؟ ومتى سيُعاقب مسبّبو المشهد الدامي؟ من يضع حداً لجنون يجتاح الطرقات ويحصد أرواح المئات؟ من يجيب عن السؤال الأهم: هل تقوم قوى الأمن فعلاً بواجباتها بدقة لمراقبة السير أم أن بعض الحواجز تكون قاتلة أحياناً؟ ولماذا التأخر في إقرار قانون السير الجديد؟ من المسؤول عن موت 6 أشخاص أمس؟ هل هو سائق الشاحنة الذي كان يقود بسرعة جنونية فاجتاح عدداً من السيارات؟ أم أن الخطأ ارتكبه أيضاً من أقام حاجز «رادار لضبط السرعة» في هذا المكان؟
الحادث المروّع على طريق صيدا ـــــ بيروت يختصر أزمة يسقط ضحيتها آلاف اللبنانيين. ترتفع الأصوات، يعلو الصراخ، فيما يستمر مسلسل حوادث السير ليضرب في مختلف المناطق. الصدمة أمس كانت كبيرة. الغضب من السائق ومن حاجز قوى الأمن لم يكتمه المواطنون. كان صراخهم يملأ الآذان في مكان الحادث وأروقة المستشفيات التي نُقل إليها الضحايا. مساءً عقد وزير الداخلية والبلديات زياد بارود مؤتمراً صحافياً كرر خلاله إن «اليوم (أمس) يوم أسود»، وقال إنه هو شخصياً يتحمّل المسؤولية كما تتحمّلها قوى الأمن والمواطنون والقضاء، ووعد بالتحقيق لتحديد المسؤوليات في الحادث ومعاقبة المسؤولين عنه.
الحادث كان الحدث الأسود أمس. حدث بسبب ضخامته، ولأنه مثّل دافعاً للوقوف بجدية عند قضية حوادث السير التي تحصد أكبر عدد من الضحايا، حيث يفوق عدد ضحاياها من يقضون نتيجة الجرائم الجنائية.
ظهر أمس، كانت شاحنة محمّلة بالرمول تسير بسرعة جنونية على أوتوتستراد صيدا ـــــ بيروت. فوجئ سائقها بحاجز رادار أقامه رجال قوى الأمن على الأوتوستراد، حاول التخفيف من سرعته فاصطدم بسيارات متوقفة عند الحاجز، بل اجتاحتها في لحظة اختلال توازن الآلية الكبيرة. لحظة مرعبة قضى فيها ستة أشخاص، بينهم طفلة تبلغ من العمر عامين وأمها الشابة، ووقع معهم 19 جريحاً كانوا بين ركاب سيارة فان وسيارة أخرى، وقد تسرّب الوقود من صهريج انقلب في الحادث.
نُقل الجرحى والضحايا إلى المستشفيات. بعض المصابين تحدثوا عن تأخّر في الإسعافات، قالوا إن رجال قوى الأمن لم يبادروا إلى الاتصال بالمسعفين بالسرعة المطلوبة. توقف السير لساعات على الأوتوستراد. أهالي الضحايا والمارة الذين هالهم المشهد ـــــ فوقعت بينهم حالات إغماء ـــــ كانوا يردّدون بغضب سؤالاً واحداً: «لماذا يقام حاجز السرعة بأسلوب يستهتر بسلامة المواطنين؟». خبراء السير الذين عاينوا مكان الحادث والسيارات، أكدوا أن سائق الشاحنة حاول التخفيف من السرعة فجأة، فحصل اختلال في توازن شاحنته.
من المسؤول؟ سؤال سيتكرر كثيراً حتى تُنجز التحقيقات التي وعد بها وزير الداخلية. بارود قال في المؤتمر، الذي حضره المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، إن على القضاء أن يصدر أحكاماً أكثر تشدداً في قضايا حوادث السير، وأكد أنه ستُعتمد مرحلة تجريبية حتى 20 أيلول، وسيُحمّل كل رئيس مفرزة سير مسؤولية عند وقوع كل حادث أو ضحية إذا تبيّن أن الحادث ناتج من تقصير مفرزته. وطالب بارود رجال قوى الأمن بأن يكونوا «قمعيين» في حدود ما يسمح به القانون ضد مسبّبي الحوادث، ثم رفع وزير الداخلية اللهجة مطالباً المسؤولين بأن يكفّوا عن اتصالاتهم لحماية مسبّبي الحوادث، وطالب رجال قوى الأمن بألّا يخضعوا لضغوط المسؤولين.

بارود تحدث عن ضرورة رفع العقوبات بحق المخالفين والمقصّرين
بارود الذي رأى أن العقوبات الرادعة ضرورية لمحاربة مشكلة حوادث السير، تحدث عن تدابير، منها الرادارات. ورغم تأكيده أن عديد قوى الأمن والعتاد ليسا كافيين، لكنه أكد ضرورة تخطّي هذه المشكلة، تشديد المراقبة على الطرقات، تشديد الدوريات الأمنية لقمع مخالفي القانون، ضرورة إقرار قانون السير، ومحاسبة كل مسبب لحادث وكل مقصّر في المراقبة والمعاقبة، ورفع العقوبات تجاه المخالفين.
ورأى أن مشكلة مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي من العوامل التي لا تساعد على معالجة مشاكل السير، ودعا إلى اعتماد الإصلاحات والتعيينات الجديدة في المجلس.
وكانت «الأخبار» قد اتصلت بعد الحادث بالمدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء أشرف ريفي، وسألته عن شكوى البعض لناحية تسبّب الحاجز بالحادث الذي حصل. رفض ريفي هذا التوصيف، قائلاً إنه غير صحيح، «فنحن نضع الحواجز عادة في أماكن مكشوفة، ويكون أمامها طريق طويل لكي يتمكن السائقون من رؤيتها قبل الوصول إليها بمسافة كافية». لكنّه أشار إلى أن تحقيقاً سيُفتح في الموضوع، ليُصار إلى تحديد المسؤوليات في ما حصل، وما إذا كان هناك تقصير من أفراد قوى الأمن، «علماً بأن لا شيء ثابت من هذا حتى الآن».


حوادث

تلفت الأخبار التي تنقلها الوكالات، والبلاغات الواردة إلى قوى الأمن، وقوع عدد كبير من حوادث السير في الأيام الأخيرة، فقد صدمت سيارة رينو، مادلين شلهوب (60 عاماً) على طريق خلدة، ما أدى الى إصابتها بجروح خطرة، نقلت الى مستشفى المشرق وما لبثت أن توفيت صباح أمس متأثرة بجروحها، وقد أوقف الصادم بناءً على إشارة القضاء المختص.
في المعاملتين صدم جيب الأحد الماضي الفيليبينية إيتيتا أ. (30 عاماً)، فأُصيبت برضوض وجروح خطرة، فيما فر سائق السيارة إلى جهة مجهولة. كذلك سُجل وقوع حادث في صربا، حيث اصطدمت سيارة مازدا بسيارة فان. المازدا يقودها الأردني أحمد ع. وبرفقته زوجته ليلي د. وطفلاه سمير وريتاج وصديقه السوري عبد الرحمن ح.، أما الفان فيقوده سايد أ. أُصيب الجميع بجروح.


هكذا اجتاحت الشاحنة الفان

سائق الفان سمر نجدي أُصيب بجروح ورضوض في يديه ورجليه ورأسه. تحدث مع «الأخبار» من المستشفى، فقال «خففت سرعتي للوقوف عند حاجز الرادار، ولكني لمحت في المرآة شاحنة تسير بسرعة جنونية، صحيح أن المنطقة مفتوحة وثمة مجال للسرعة، ولكن ليس الى هذا الحد، فحاولت تفاديه وإفساح طريق له ولكني لم أستطع، فإذا بالشاحنة تجتاحني وتقلعني من مكاني، فلم أعد أعي ما الذي يحصل، الى أن استعدت وعيي ووجدت أن إحدى الراكبات معي إلى بيروت قد توفيت، وهي فاطمة حاوي، ومعها ابنتها رنا بركات»، وبصوت يحمل كثيراً من الغضب، ختم سمير قائلاً «أحمّل ما حصل معنا للقوى الأمنية التي وضعت حاجز الرادار في مكان غير ملائم، كانوا يريدون توقيف أشخاص مخالفين، ولكن ها قد سبّبوا مقتل وجرح عدد كبير من الاشخاص».