رنا حايك «يا الله... شو باعمل؟ شو باعمل؟ شو باعمل؟». أطرقت الفتاة الغنوجة وهي تفكّر، تائهة في دهاليز الأسئلة الوجودية المؤرقة. جميلة، ممشوقة القدّ والقوام، مهضومة بشهادة بعض المهضومين مثلها، تحسن نسج العلاقات العامة (والخاصة طبعاً)، وتحرص على النطق السليم، فهي تغار على اللغة العربية وتلتزم بمخارج الحروف كما هي في الأبجدية: ذ غير ز، وس حرف مختلف عن ث. كل هذه الكفاءات والأفق «مسدود مسدود». فجأة تذكّرت صديقها الذي مرّ بأزمة وجودية مماثلة خاضها بشجاعة. كان جدياً. جدياً جداً. لا يسير في الحمرا من دون أن يتأبّط ثلاثة كتب على الأقل، ونظريتين حداثويتين وحكمة عميقة من كلاسيكيات الأدب. يومها، اختفى لأسابيع عن المقهى، ثم عاد بيده ريشة ويبدو النصر على محيّاه. عاد فناناً ما شاء الله. «الحلوة ويانيالها، المحتارة بحالها» لا تحبّ الرّسم، ولا تتقن العزف، أصلاً لن تبدأ الآن من الصفر. «ما إلها خلق». عليها أن تستثمر ما تمتلكه «already» من طاقات. تذكّرت أنها تحب الشّعر. أصلاً سبق للشاعر الكبير، سناً ومعنى، أن توقّع لها مستقبلاً زاهراً. ستجد من يصفّق لها، على الأقل، هو وأصدقاؤه الذين سيعرّفها إليهم. ليش لأ؟ ستصبح هي أيضاً شاعرة... بكل شيء، كما أصبح صديقها فناناً. أسهل شي، بلا وجعة راس...