رامي زريقتضمّنت سياسة الكيان الإسرائيلي الاستعمارية منذ تأسيسه التدمير الممنهج لكل القطاعات الإنتاجية، وعلى رأسها الفلاحة والرعي، اللذان كانا يمثّلان أساس النظام الغذائي المحلي. فبعدما جرى سحق القرى وتهجير الفلاحين والبدو ومواشيهم، أنشأ المحتلون مزارع قيل إنها نموذجية، وهي نموذج للزراعة المكثفة التي تهدر المياه و تلوّث الأتربة وتستبدل أصناف المحاصيل التقليدية بأصناف حديثة معدّلة وراثياً. كان هدف هذه المزارع ـــــ المستعمرات، إيواء الصهاينة المتطرفين الذين يمثّلون الخزان البشري للجيش. كما أنها لا تزال تُستعمل حتى اليوم مراكز ضيافة لشباب غربيّين تجذبهم البروباغندا الإسرائيلية إلى مخيمات غسل الدماغ الصيفية. أمّا الهدف الثالث، فكان إنتاج فاكهة وخضار معدّة للتصدير ترسل إلى بلدان الغرب لكي يكون لإسرائيل وجود دائماً في كل متجر وكل بيت فيها، في وقت تستورد فيه «إسرائيل» أكثر ما تستهلكه. وقد نجح الكيان الصهيوني في عملية الترويج هذه، التي أثّرت أيضاً في بعض العرب ممن يتغنّون بإنجازات العدو الزراعية الوهمية. أثّر هذا النمط من الزراعة سلباً في ما بقي من القطاع الزراعي الفلسطيني، حيث تحوّل مزارعو الضفة وغزة خاصة إلى نمط الإنتاج ذاته بهشاشته واعتماده على التصدير. وعندما ضربت «إسرائيل» طوقها على غزة، انهار القطاع الزراعي وتلفت مئات الأطنان من الفراولة وأزهار الزينة التي أصبحت علفاً للدواب، فاستطاعت إسرائيل تجويع أهل غزة. يمر لبنان بمرحلة صعبة تواجه فيها المقاومة صهاينة الخارج والداخل، وهناك احتمال وقوع البلد تحت شكل من أشكال الحصار. كما أن هناك ملامح أزمة قمح عالمية بدأت تظهر في الأفق. أليس من المنطقي إعادة النظر في الأولويات الزراعية لتجنّب فخ التجويع؟