طرابلس ــ عبد الكافي الصمد«كنا منتظرين إنو الإسرائيليين يعملوا فينا هيك بغزة، مش إنتو هون». بهذا صرخت منسّقة اللجنة المنظمة لسفينة مريم، سمر الحاج، أمام مرفأ طرابلس أمس، وأعلنت أن السفينة ستبحر من هنا، حيث ترسو، نحو قطاع غزة مساء الأحد المقبل بهدف كسر الحصار الإسرائيلي عنه.
انفعال الحاج كان بسبب تأخير مركز استخبارات الجيش السماح للصحافيين بالدخول إلى حرم المرفأ لتغطية مؤتمر صحافي كانت تزمع عقده على متن السفينة، بعدما نالت موافقة مسبّقة عليه من مديرية التوجيه في الجيش اللبناني؛ إلا أنّ سجالاً دار بين الحاج وعناصر مركز الاستخبارات، فتوتّر الجو ما دفع العناصر إلى سد الطريق إلى حرم المرفأ بعوائق حديدية، ومنع الجميع من الدخول، في إجراء تبعه طلب الرائد المسؤول عن المركز مراجعة مسؤول استخبارات الجيش في الشمال في مكتبه بثكنة بهجت غانم لتسوية الأمر.
لكنّ الحاج ثارت ثائرتها بسبب ما عدّته استهدافاً لسفينة مريم، فأخذت تنادي على الصحافيين: «ادخلوا ورائي وخلّيهم يقوصونا»، غير أن العناصر أغلقوا الطريق وطلبوا من الصحافيين الابتعاد عن الحاجز، ما أدى إلى حصول هرج ومرج تسبّب في سد الممر الأيمن المؤدي إلى داخل المرفأ بالسيارات، التي امتدت حتى المدخل الخارجي له على الطريق العام.
بعد انتظار دام أكثر من ساعة ونصف ساعة تحت أشعة شمس لاهبة، تخللته اتصالات لم تؤدِّ إلى أي نتيجة، ارتأت الحاج وأعضاء اللجنة، وعلى رأسهم رئيس حركة فلسطين حرة ياسر قشلق، رجل الأعمال الفلسطيني المموّل للرحلة، عقد مؤتمر صحافي عند المدخل الخارجي للمرفأ، استهلته الحاج بإشارتها إلى أن «مرفأ طرابلس يبدو محاصراً، نتمنى أن يُفك عنه يوم الأحد، وأن لا تكون مريم سبباً في حصار يمارس علينا وعلى الإعلام».
دار سجال بين الحاج وعناصر مركز الاستخبارات فتوتّر الجو
الحاج التي أكدت أنّ كل أوراق السفينة أُرسلت إلى الجهات المعنية، أبرزت ترخيصاً من المديرية العامة للجيش يحمل الرقم 459 م ت تاريخ 6/8/2010، يمنحها وأعضاء اللجنة «الحق في عقد مؤتمر صحافي على متن السفينة المذكورة الراسية في مرفأ طرابلس، لإعلان موعد انطلاقها إلى قطاع غزة، بحضور صحافيين». لكنّ التصريح يتضمّن ملاحظات، منها أن تنفيذه «يجري بالتنسيق مع مديرية التوجيه بإشراف ضابط من فرع استخبارات الشمال ـــــ أمن المرفأ، مع وجوب أخذ الموافقة المسبّقة من إدارة مرفأ طرابلس، ومن المديرية العامة للأمن العام قبل التنفيذ».
ولأن كل الموافقات جرى الحصول عليها، باستثناء موافقة استخبارات الجيش بعد إشكال أمس، فقد دفع هذا الحاج إلى القول إنه «يوجد شخص هنا قرر أن الأمور لن تمشي، وإنه يجب أن نذهب إليه في القبّة. نقول له فكّ الحصار عن مرفأ طرابلس، مريم ذاهبة لتضع وجهها في وجه الصهاينة، لكن يبدو أن صهاينة الداخل أكثر. نحن ذاهبون الأحد الساعة الـ10 ليلاً، مريم لا أحد يعرقلها». وأوضحت الحاج لـ«الأخبار» أنّ «عدد ركاب السفينة يراوح بين 50 ـــــ70 امرأة من جنسيات مختلفة». وعن حمولة السفينة ردّت بلهجة ساخرة: «حمولتنا مرعبة، هي عبارة عن حفاضات للأطفال وحليب وأدوية لهم، وقرطاسية، هذه هي حمولتنا النووية!».
غير أنّ كلام الحاج عدّه بعض منظّمي الرحلة «استفزازيا»، و«يضرّ بالحملة أكثر مما يفيدها»، حسب ما أوضح بعضهم لـ«الأخبار»، وذلك بعدما حاولوا عبثاً إقناع الإعلاميّين المحتشدين، بعدم نقل كلام الحاج، والاكتفاء بما قاله قشلق.
وكان قشلق قد أشار إلى أن «العراقيل التي مورست على سفينة مريم كانت ضخمة جداً»، مستغرباً كيف أنه «إذا أردنا إرسال سفينة إلى قطاع غزة المحاصر على مرأى 54 دولة إسلامية ومسمعها يحصل معنا ما يحصل».
وقال: «سنبحر إلى قبرص. نحن نذهب إلى فلسطين المعترف بها في الأمم المتحدة، وسننطلق من قبرص إلى أحد موانئ فلسطين لكسر الحصار».