إسماعيل الشيخ حسن استعاد حريته. أمس أُخلي سبيل المهندس بعدما أوقفته استخبارات الجيش عند حاجز مخيم نهر البارد يوم الأربعاء الماضي.
بيسان طي
يروي الشيخ حسن أنه خضع للتحقيقات في اليوم الأول «عند استخبارات الجيش، ولم توجه إليّ أية تهمة». كان يكرر السؤال عن سبب توقيفه والتحقيق معه، فلا يلقى جواباً، لكن أسئلة المحققين تركزت على المقال الذي نشره في الزميلة «السفير» في 12 أيار الماضي تحت عنوان «شـرّ البليـة مـا يضحـك؟ دليل القوانين والإجراءات الرسمية في مخيم نهر البارد». المحققون رأوا أن المقال تضمن تهجماً على الجيش اللبناني، فيما هو يتضمن نقداً، بل يرى أن «المشكلة تكمن في السياسة التي تتبعها الدولة اللبنانية إزاء المخيم».
بات الشيخ حسن ليلة موقوفاً لدى استخبارات الجيش، وقد عُرضت عليه ورقة تتضمن تصريحات بأنه حرّض على الجيش اللبناني ووجه شتائم له، لكنه رفض توقيعها، مشدداً على أن الكلام الذي تتضمنه هذه الورقة غير صحيح، وأنه لم يوجه الشتائم ولم يطلق التحريض على الجيش.
أول من أمس، نُقل الشيخ حسن إلى ثكنة الشرطة العسكرية في القبة، وفوجئ بأن التحقيقات تنطلق «من نقطة الصفر»، كأن ما أدلى به عند استخبارات الجيش قد اختفى. سئُل مجدداً وتكراراً عن المقال الذي نشره قبل أكثر من ثلاثة أشهر. يقول: «تمسكت بأن لنا الحق في أن نكتب». ويضيف في حديثه لـ«الأخبار» أنه كرر على مسامع المحققين أن الاختلاف في الرأي أو نقد ممارسات أو سياسات معينة لا يعني التحريض، ولا يجوز منع كاتب من إبداء رأيه.
صباح أمس، كان الشيخ حسن لا يزال موقوفاً لدى الشرطة العسكرية، نقل له محققون كلاماً عن «إحالة ملفه على المدعي العام في بيروت»، وأن عملية توقيفه ستستمر، لكن بعد الظهر تغيرت الأمور. فجأة جاء من يقول لإسماعيل إنه أُخلي سبيله. خرج من الثكنة ووجد الأهل والأصدقاء في انتظاره.
كانت عملية توقيف إسماعيل الشيخ حسن قد دفعت ببعض الناشطين في حقوق الإنسان للتحرك. منظمة «هيومن رايتس ووتش» أصدرت بياناً دعت فيه إلى إخلاء سبيله فوراً. وقال نديم حوري، مدير مكتب المنظمة في بيروت إنه كان ينبغي «لاستخبارات الجيش اللبناني والسلطات اللبنانية احترام حقوق الشيخ حسن القانونية والسماح له بالاتصال بأسرته ومحاميه على الفور». وجاء في البيان أيضاً أن «اعتقال الشيخ حسن يلي عدداً من الاعتقالات للصحافيين والمدونين نفذتها استخبارات الجيش».

أسئلة المحققين تركزت على المقال الذي نشره في الزميلة «السفير»
كذلك أطلق ناشطون عريضة طالبت بإطلاق سراح الشيخ حسن فوراً، وطالبت بالوقوف إلى جانبه «في قضية الرأي هذه ووقف ترهيب العاملين في القضايا المدنية الحقوقية»، وقد وقعتها مجموعة من الأكاديميين والمثقفين والناشطين في مؤسسات الحقوق المدنية. ولفت معدو العريضة إلى أن الشيخ حسن أوقف «بعد المقالة التي نشرها في جريدة السفير، والتي يفضح فيها مهزلة إعادة إعمار مخيم نهر البارد والإجراءات الأمنية المرافقة للإعمار».
يُذكر أن إسماعيل الشيخ حسن هو مهندس وباحث يعدّ أطروحة دكتوراه في جامعة بلجيكية، ويعدّ كتاباً يشارك فيه عدة باحثين عن مخيم نهر البارد.
كان الشيخ حسن قد عمل متطوّعاً في إعادة إعمار بلدة عيتا الشعب الجنوبية بعد حرب تموز، ثم انتقل للاهتمام بخيم اللاجئين الفلسطينيين أو «البارد»، وتولى إدارة «هيئة إعمار نهر البارد». المتابعون لنشاطه يتوقفون ـــــ بإعجاب ـــــ أمام المجهود الذي بذله. فقد تمكّن من فرض شراكة مع الأونروا، وأصر على إعادة إعمار تأخذ في الاعتبار التوزيع المدني السابق للمخيم، علاقات الجيرة، الأحياء التي كان يسكنها أبناء بلدات واحدة من فلسطين، وما إلى ذلك.
يضيف المتابعون لنشاط إسماعيل أنه كان يتولى عملية التفاوض أو النقاش مع ضباط من الجيش في إطار عمله لإعادة إعمار المخيم، وذلك بعدما أُعلن «نهر البارد» منطقة عسكرية، و«كان يصل معهم إلى تسويات مقبولة».