بيسان طيسرعين الفوقا، البلدة البقاعية النائية تعيش على وقع الصدمة، الناس تتهامس، تتحدث عن ثأر، هو بالتحديد الجريمة التي وقعت مساء يوم الجمعة، وذهب ضحيتها الفتى المراهق علي شومان (15 عاماً). الشبهات تدور حالياً حول أقارب للفتى، والتحقيقات جارية، كما لا تزال التعقبات جارية بحثاً عن المشتبه فيهم. كلام الأهالي ونتائج التحقيقات الأولية تشير إلى أن هذه الجريمة وقعت على خلفيات ثأرية، وأن الضحية حين قُتِل كان برفقة شقيقيه اللذين يصغرانه سناً. القضية فتحت النقاش مجدداً حول عمليات الثأر، ثمة انطباع عام بأنها ولت إلى غير رجعة. ولكن المدقق في بعض الإشكالات أو الخلافات التي تقع في بعض القرى البقاعية أو الشمالية، يكتشف أن هذا الانطباع ليس صحيحاً، وأن ثمة محاولات للأخذ بالثأر. في الفنار، وقع إشكال وتبادل رصاص في الأسبوع الأخير من شهر حزيران الماضي. جرى تبادل إطلاق النار ، وتجددت الاشتباكات، ولم تنته حتى تدخلت قوة من الجيش اللبناني. قيل إن الخلاف حين اتهم صبحي ز. الخارج من السجن لتوه مجموعة من أقاربه بالوشاية عليه عن خلافات ثأرية.
وقبل شهر نُقلت إلى المستشفى، مراسلة فضائية عراقية تُدعى زينب زعيتر مصابة بطلق ناري في رجلها، فقد كانت تستقل باصاً متجهاً نحو بيروت، وفي مار تقلا هاجم مسلح الباص وأطلق النار على سائقه والركاب، قيل إن الهجوم جاء على خلفية ثأرية بين آل ح. وآل ن.
إثر مقتل دركي، اسمه أنور ناصر الدين في الهرمل الصيف الماضي، كثر الكلام عن ضرورة الأخذ بالثأر، وكان أقارب للراحل قد دعوا للأخذ بالثأر، ودارت اشتباكات ضد أشخاص من آل علوه، العائلة التي ينتمي إليها المتهم بقتل أنور ناصر الدين. بعد تدخلات ونقاشات، التقى زعماء ووجهاء العشائر وعائلات أخرى في مكتبة الهرمل، وحضر الاجتماع الشيخ محمد يزيك، وتوصلوا إلى ميثاق يدعون فيها إلى الركون إلى القضاء والسلطات الأمنية لتتولى هي ملاحقة أي مرتكب جريمة ومعاقبته، وحصر الأمر بالمرتكب. الميثاق يعني رفع الغطاء العشائري عن مرتكب أية جريمة، وألا يتحول أبناء عائلة بأكملها إلى مطاردين بسبب جريمة ارتكبها فرد.

المخيف أن بعض الجرائم لا تلق التغطية الإعلامية المناسبة

رغم الميثاق، لم تنته قضايا الثأر. المخيف بالنسبة لوجهاء بعض العائلات أن بعض الجرائم لا يلقى التغطية الإعلامية اللازمة، ولا يُتحدّث عنه «ما يعطي انطباعاً بأن جرائم الثأر لم تعد موجودة، فيما الصحيح أنها انخفضت ولم تختف». هذا الكلام تؤكده التقارير الأمنية التي تورد بين فترة وأخرى عن إطلاق نار أو محاولات قتل تجري خاصة في قرى شمالية، وتأتي على خلفيات ثأرية.
تجدر الإشارة إلى القانون اللبناني لا يتضمن فقرة أو عقوبة خاصة بالثأر، بل هي تُعتبر جريمة قتل عن قصد، وتنص المادة 549 من قانون العقوبات على أنه يُعاقب بالإعدام على القتل قصداً إذا ارتكب عمداً، أو تمهيداً لجناية أو لجنحة أو تسهيلاً أو تنفيذاً لها، كما تتضمن المادة 549 نقاطاً أخرى في تحديد القاتل الذي يُعاقب بالإعدام.
حتى يوم أمس لم تكن القوى الأمنية قد عثرت على المشتبه فيهم بقتل شومان، ويطالب أهالي سرعين الفوقا بإنزال أقسى العقوبات في حقهم.