قد يكون التزوير في الامتحانات الرسمية من عمر الامتحانات نفسها، فلا يكاد يمرّ عام إلّا ويتناقل اللبنانيون روايات عن حوادث «غش» من هنا، وفلان قدّم الامتحانات عن فلان. فماذا الذي تغيّر الآن؟ ولماذا قرر وزير التربية حسن منيمنة الكشف عن الموضوع في هذا التوقيت؟يقول منيمنة، رداً على سؤال «الأخبار»، «إنّ ما كنا نسمعه لم يكن يتعدّى الخبريات والحوادث الفردية، ولم تكن بين أيدينا معطيات ملموسة عن شبكات التزوير والرؤوس التي تقودها، ولم نقرر إعلان الموضوع إلّا عندما توافرت لدينا المعلومات المؤكدة بالتنسيق مع التفتيش التربوي والقوى الأمنية». هل المزوّرون من داخل الوزارة؟ يجيب منيمنة: «لا. هم عصابة امتهنت انتحال الشخصيات وتزوير المستندات الرسمية، ولا سيما إخراجات القيد».
الوزير أعلن، في مؤتمر صحافي عقده أمس، اكتشاف شبكة تزوير كبيرة، يديرها كل من (ح. ز.) و(ع.أ.)، وهما فاران من وجه العدالة، بعد أن تحرك القضاء عبر جهاز التحري والاستقصاء في قوى الأمن الداخلي للقبض على هذين المزوّرين.
وكشف منيمنة أن هناك «طلاباً اعترفوا بمشاركتهم في هذه العملية بدلاً من آخرين، وصلنا إلى بعضهم والبعض الآخر نعمل للوصول إليه، وحُوّلوا إلى النيابة العامة».
أما الوزارة فستعمد، بحسب الوزير، إلى درس قانون ينزع من هؤلاء شهادة الثانوية العامة، ليكون العقاب بحجم الجرم الذي ارتكبوه بحق التربية.
وفي التفاصيل التي يرويها الوزير أنّ امتحانات 2010، بدورتيها، سجّلت أكثر من 25 حالة انتحال شخصية توزّعت على مناطق عدة في لبنان. وقد أحيلت أغلبية هذه الحالات على النيابة العامة، وتوّلت الشرطة القضائية التحقيق مباشرة في بعضها المرتبط بشبكات منظّمة مع الطلاب، نظراً إلى خطورتها.
وتحدث الوزير عن معلومات توافرت للوزارة بشأن شبكات موزعة على الأراضي اللبنانية، وتضم اختصاصات عدة في كل فروع الشهادات الرسمية، لقاء مبالغ مالية قدّرت بين 3000 و5000 $، ودُفعت للمنتحلين مبالغ تتراوح ما بين 200 و300 و1000$ أميركي، وجنّدت لهذا الغاية فتيات وشبان لتنفيذ هذه الأعمال.
وسئل الوزير: «لماذا تأخر إعلان الشبكة ما دامت الوزارة قد تابعت هذا الموضوع منذ ما قبل العام الماضي؟»، فأجاب: «ما فينا نطلع على الإعلام إذا ما عنّا المعطيات الكاملة من القوى الأمنية».
وعمّا ستفعله الوزارة بالنسبة إلى العدد القليل للمفتشين التربويين، إذ ليس هناك أكثر من 70 مفتشاً في مراكز امتحانات تحتاج إلى 350 مفتشاً، أكد الوزير «أننا سنعمد إلى إعادة النظر في شروط التعيين لفتح مجال أوسع للموظفين الأكفاء للالتحاق بالتفتيش التربوي».
(الأخبار)