لمنطقة الشويفات خصوصية أمنية، نظراً إلى امتدادها الكبير والكثافة السكانية فيها. هذه المنطقة تشهد في الأشهر الأخيرة حوادث جنائية ومخالفات قانونية وتعديات لافتة، وثمة شكاوى من نقص في العديد والعتاد للقوى الأمنية العاملة هناك
محمد نزال
كما في خريطتها الجغرافية، تشبه الشويفات لبنان في الديموغرافيا الطائفية والحزبية. هذا ما يكسبها طابعاً أمنياً خاصاً، ويسلّط الضوء عليها لناحية الخلافات التي تحصل أحياناً بين سكانها. وتتميز المنطقة بوجود عدد كبير من المصانع والمعامل النشطة فيها، ما يجعل منها أرضاً خصبة للمخالفات القانونية والتعديات التي يشتكي منها المواطنون. بحسب أحد المتابعين للشأن الأمني في المناطق، فإن الشويفات قد شهدت في الأشهر الأخيرة سلسلة من الجرائم الجنائية، من قتل وسرقة ونشل، إضافة إلى مخالفات قانونية، من أبرزها عمليات البناء غير الشرعي في المنطقة المعروفة بـ«صحراء الشويفات». بعض الكسارات والمرامل تلحق أضراراً بالمواطنين الذين يسكنون جنبها، إضافة إلى الروائح الكريهة المنبعثة من مزارع المواشي والتي تصل إلى المنازل البعيدة والقريبة. هذا الواقع دفع بالعديد من سكان البلدة إلى رفع الصوت احتجاجاً، ووجّهوا دعوة إلى المسؤولين لإيجاد حلول للمشاكل العديدة، وتعزيز القوى الأمنية بالقدرات اللازمة للتمكن من تأدية واجبها على أحسن وجه. آخر هذه الاحتجاجات حصل الأسبوع الماضي، حيث قطع مواطنون الطريق بواسطة الإطارات المطاطية والعوائق الحديدية، وذلك احتجاجاً على مرور الشاحنات والآليات الثقيلة من مجابل الباطون ومعامل الأحجار ومزارع المواشي وإليها. تدخلت القوى الأمنية والبلدية، وعملت على إعادة فتح الطريق.
تزامن الإحتجاج مع عملية سرقة تعرض لها مركز الضمان الإجتماعي في المنطقة، من قبل 3 مسلحين، تمكنوا من دخول المركز فجراً بواسطة الكسر والخلع، قبل أن يشاهدهم أحد المواطنين ويتصل بالقوى الأمنية التي حضرت وحاصرت المركز، وتمكنت من توقيف أحد المسلحين بعد أن حصل تبادل لإطلاق النار بين الطرفين، ما أدّى إلى إصابة أحد العسكريين بجرح في رجله، فيما تمكّن الشخصان الآخران من الفرار إلى جهة مجهولة. يُشار إلى أن أوتوستراد خلدة، الواقع ضمن نطاق فصيلة درك الشويفات، يشهد موجة من عمليات النشل التي تتعرض لها سيدات في أكثر الحالات، من قبل شبّان يمتطون دراجات نارية صغيرة.
إتصلت "الأخبار" بآمر فصيلة الشويفات الرائد جورج منصور، ونقلت إليه بعض شكاوى المواطنين حول عمليات النشل التي تعرضوا لها وغيرها من التعديات، فأكّد أن القوى الأمنية "تقوم بأقصى ما يمكنها فعله لخدمة الشويفات والسهر على سلامة أمنها ومصالح أبنائهاً"، معترفاً بوجود واقع أمني صعب أحياناً، يستدعي بذل المزيد من الجهد وتوفير العدّة والعتاد اللازم.
في إطار المشهد الأمني للمنطقة، علمت "الأخبار" أنه قبل نحو أسبوع، خٌطف الشاب يوسف س. (25 عاماً) على يد شخصان كانا على متن سيارة سيارة صفراء اللون، وبحسب البلاغات الواردة إلى قوى الأمن، فإن السيارة توجهت بالمخطوف ناحية حي صحراء الشويفات، من دون أن يعلم سبب الخطف وما آل إليه. يشار إلى أن الحي المذكور يعتبر من أكثر الأحياء التي تشهد مخالفات قانونية في منطقة شويفات، على حد وصف أحد المسؤولين في المنطقة، لكونه يشهد مواجهات مستمرة بين القوى الأمنية وأصحاب مخالفات البناء، إذ يبادر هؤلاء إلى توسعة مساكنهم من دون الحصول إلى ترخيص بلدي، ولذلك لا يصعب على الناظر إلى المنطقة اليوم أن يشاهد العشوائية والفوضى في الأبنية الموجود هناك.
وفي هذا السياق، التقت "الأخبار" مسؤولاً أمنياً متابعاً لشؤون المناطق، واستفسرت منه عن الوضع العام في المنطقة. لا يخفي المسؤول عتبه على المسؤولين في الدولة، الذين "يطلبون من القوى الأمنية القيام بمهمات كثيرة، في مقابل عدم تأمين الحد الأدنى أحياناً من الحاجات اللوجستية، فضلاً عن تحطيم الروح المعنوية للعسكريين، الذي يحصل بسبب أي شكوى تصل من المواطنين، فدائماً ترمى المسؤولية من قبل القيادة على العسكريين ويعاقبون، وكأن المدنيين معصومين عن الخطأ، فهذا النمط من التعاطي وتحميل المسؤولية دائماً لأصحاب الرتب الصغيرة من العسكريين يؤدي إلى إحباط وفتور في الهمة".
يُشار إلى أن بلدية الشويفات، التي تعد أوسع مساحة من بلدية بيروت العاصمة، ويسكنها نحو 250 مواطن، فإن الفصيلة الأمنية فيها تتكون من 21 عسكرياً فقط، عدد منهم "لا يجيدون القراءة والكتابة، وبالتالي لا يمكن الإعتماد عليهم في تأدية المهام، علماً أنه من حيث المبدأ يجب أن يُفرز 40 عسكرياً مقابل كل 100 ألف نسمة من المواطنين، ومعهم 4 سيارات عسكرية". أما من ناحية الآليات فإنه لا يوجد اليوم سوى 4 سيارات، ثلاثة منها "تظل دائماً في التصليح، ما يشكل أزمة حيال الحوادث التي تحصل أحياناً في أكثر من منطقة وتستدعي حضوراً سريعاً".


العبّاسية

أطلق العرب على التلال المشرفة على بيروت اسم «الشويفات»، وذلك في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، بحسب مسؤولين في البلدية. تقع الشويفات جنوبي العاصمة وتبعد عنها نحو 7 كيلومترات. تبلغ مساحتها نحو 18 كيلومتراً مربعاً، وترتفع عن سطح البحر أكثر من 150 متراً، متصلة بالشاطئ على مساحة 7 كلم. وتحيط بها من الشمال: الحدث، الليلكي، تحويطة الغدير، كفرشيما. ومن الشرق عين عنوب، دير قوبل، بشامون وعرمون. أما من الجنوب فالناعمة، ومن الغرب البحر.


اجتماع لوقف الحركات الصبيانية

شهدت الشويفات أحداث دامية خلال أحداث 7 أيار قبل أكثر من عامين، ما خلّف حالة من الإحتقان السياسي في المنطقة بين مناصري الأحزاب. وفي هذا الإطار، عقد قبل نحو شهر اجتماعاً تنسيقياً للأحزاب بدعوة من رئيس البلدية، ضم ممثلين الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي وحزب الله وحركة أمل وتيار المستقبل والحزب السوري القومي الاجتماعي. تناول الحاضرون موجة انتشار الاعلام والشعارات الحزبية بصورة "استفزازية وغير منظمة". أشار رئيس البلدية ملحم السوقي في الاجتماع إلى أن "هناك بعض التصرفات والانفعالات الصبيانية يجب العمل على لجمها من مسؤولي الأحزاب منعا لوقوع اشكالات لا تحمد عقباها"، واتفق المجتمعون على نقل وجهات النظر الى القيادات المركزية للأحزاب والتيارات.