البقاع ـــ أسامة القادريفي 15 نيسان الجاري تصدر محكمة جزاء زحلة حكمها في ملف منازل من «التوتيا» في تعنايل، تعيش فيها عدة عائلات. لكن قبل النطق بالحكم، أقدمت قوى الأمن الداخلي على هدم 15 وحدة سكنية معظمها من «التوتيا» والخشب، في بلدة تعنايل، وذلك بناءً على قرار صادر عن محافظ البقاع أنطوان سليمان، وبإشارة النيابة العامة في البقاع، قبل أن تقول المحكمة كلمتها. حضر رجال مخفر شتورا عند الساعة السادسة من صباح الخميس الماضي، وفق ما روى شهود عيان، وأخرجوا القاطنين في المنازل وأطفالهم بالقوة. وقد رافق «الدرك» جرافة و«عتّالون» لإخراج الأثاث من داخل المنازل، لتُنفّذ الإزالة بالقوة.
قال شهود إنه «بعد تمنّع النساء والأطفال عن الخروج من منازلهم، ضرب رجال أمن النساء والأطفال بالهراوات والعصي لمنعهم من الوقوف أمام الجرافة».
العقار الذي كانت البيوت مشيّدة عليه، مشغول منذ عام 1981 (أي منذ نحو ثلاثة عقود) بموجب توكيل من النائب العام السابق عيد غلمية، الوكيل عن أصحاب الأراضي آنذاك، وقد سُمح لحسين العلاوي (70 عاماً) بالسكن في هذه الأرض مع باقي أفراد أسرته، وهو يعمل فيها حارساً لها براتب «1300 ليرة شهرياً، ومن يومها ما شفت منهم قرش».
قانونيّون يدعون المتضررين من الإزالة للّجوء إلى المطالبة بالتعويض
«الشكوى لغير الله مذلّة، لأننا ما بننتخب ما حدا بيسأل عنا»، بهذه العبارة حاول السبعيني أن يستوعب صدمته من هول التشرّد الذي ينتظره وعائلته وفروعها المكوّنة من 15 عائلة تضم حوالى 60 طفلاً وطفلة. يسرد الرجل المراحل التاريخية منذ سكنه في تلك الأرض، ويقول «وجودنا هنا منع تمركز القوات السورية» في تلك الحقبة، ولأن ملكية الأرض شائكة بسبب تعدّد الورثة ووفاة بعضهم، تبرز مشكلة من نوع آخر وهي «مشكلة تواتر الوكالات من وكيل إلى وكيل دون ذكر اسم المالك الحقيقي، «بهدف وضع اليد على الأرض واستعمالها دون وجه حق».
ورد في وكالة تكليف المدّعي مراد غلمية نجل الموكل السابق عيد غلمية، أن موكله أنطوان ألفرد ناصر يوحنا (يحمل الجنسية الكندية) أوكله «بصفته الشخصية وبصفته وكيلاً عن أي مالك من العقارات (268) و(394) و(394) من منطقة تعنايل العقارية»، دون ذكر أسماء أصحاب الأراضي الذين أوكلوه. وبالاطلاع على الصحيفة العقارية لورثة العقار، لم يرد اسم أنطوان حنا فيها.
يقول العلاوي إن قرار الإزالة الأخير جاء بعد ثلاثة قرارات للإزالة صادرة عن المحافظ؛ الأول صدر في 10/9/2007 تحت الرقم 272، قُدّم حينها طلب استرحام ووقف التنفيذ، لعدم وجود الصفة القانونية للمدّعي، فاستجيب للطلب، فصدر قرار بوقف التنفيذ في 20/9/2007 بعد التأكد من أن إشغال العقارات حصل برضى «بيني (العلاوي) وبين وكيلهم السابق المرحوم القاضي عيد غلمية». يتحدث الرجل السبعيني عن محاولة أخرى لاستصدار قرار من المحافظ بإزالة المخالفة تحت الرقم 380 في تاريخ 29/11/2007، وأُلحق بقرار يقضي بوقف التنفيذ...
في المرة الثالثة، قُدّمت شكوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، وبموجبها أوقف أربعة شبان من آل العلاوي، لتمسّكهم بالبقاء في منازلهم. وعلى ضوء ذلك أحيلت القضية على محكمة جزاء زحلة، حيث حدّدت جلسة الحكم في 15 نيسان الجاري، فأتى تنفيذ الإزالة ليقطع الطريق أمام حكم المحكمة... وبالتالي تكون خطوة الإزالة مخالفة قانونية، حسب ما يرى المحامي محمد أبو حمدان، ما دامت القضية تنظر فيها محكمة الجزاء، بما في ذلك تنفيذ القرار الإداري، فلا يحق لأي سلطة أخرى قطع الطريق بالإزالة قبل صدور الحكم، «وخاصة أن النيابة العامة التي أعطت الإشارة بالإزالة هي نفسها كانت قد حوّلتها على جزاء زحلة». ويقول أبو حمدان إنه ما لم يُنتظر حكم المحكمة، فإن الإجراء القانوني المفترض اتخاذه بعد هذه الحادثة هو اللجوء إلى المطالبة بالتعويض ومراجعة القضاء الشامل، وذلك أمام مجلس شورى الدولة، لأن قرار التنفيذ هذا «يعدّ ناتجاً من تنفيذ قرار إداري».
وقد لفت العلاوي إلى أنه كان تمّ التفاوض بينه وبين المدّعين على التعويض عليهم مقابل موافقتهم على الإخلاء مقابل 2500 دولار عن كل عائلة، ووافق الوكلاء على ذلك، ورغم الموافقة نُفّذ قرار إزالة المنازل. الجدير بالذكر أن عدداً كبيراً من «جيران» العقار تقدّموا بشكاوى على العلاوي لكونه يربّي الماشية، عدا عن تشويه المنطقة بالخيم وانبعاث الروائح الكريهة.
أخيراً، لفت مسؤول أمني إلى أن عملية الإزالة حصلت بناءً على قرار المحافظ وإشارة النيابة العامة الاستئنافية في البقاع، على أن تكون الإزالة واستقدام جرافة و«عتّالين» على نفقة المدّعين.