صدرت أحكام قضائية لمصلحة لاجئين عراقيين، رفضت الإدارة اللبنانية تبلّغ عدد منها، وفي المقابل أُلّفت لجنة وزارية للنظر في قضايا الأجانب17 حكماً قضائياً صدرت لمصلحة لاجئين عراقيين محتجزين تعسّفاً في سجون لبنان، ومنها النظارة التابعة للمديرية العامة للأمن العام. حكم واحد نُفّذ، وهو الصادر في حق يسرى العامري، ورغم أنها ستُمنح حق اللجوء إلى السويد، فإنّ المديرية العامة للأمن العام لم تُصدر لها جواز مرور (laisser passer) لتتمكّن من السفر إلى السويد (!)
قضية اللاجئين العراقيين تتخطى عنوانها، نحن أمام انتهاك السلطات الرسمية للقانون الذي يُلزمها باحترام كلمة القضاء وسلطته. من جهة ثانية، لا بد من لفت النظر إلى خطوة إيجابية جرت أخيراً تتمثّل باللجنة الوزارية التي أُعلن إنشاؤها في 14 الشهر الجاري، يترأسها رئيس الحكومة سعد الحريري، ومن مهمّاتها النظر في قضية اللاجئين في لبنان. وعد وزير الداخلية زياد بارود بمنح إقامة مؤقتة لكل لاجئ يحصل على بطاقة لجوء من المفوضية السامية للاجئين، شرط الحصول أيضاً على طمأنة من المنظمة بتوفير اللجوء لهؤلاء في دولة أجنبية أخرى، غير لبنان.
«أزمة ترحيل اللاجئين... إلى متى» عنوان المؤتمر الصحافي الذي عُقد أمس، وجرى خلاله تسليط الضوء على استئناف عمليات ترحيل اللاجئين وطالبي اللجوء، تحدّثت خلاله رئيسة جمعية «رواد فرونتيرز» سميرة طراد والمحامي والباحث نزار صاغية.
طراد استهلّت كلمتها بقراءة رسالة من اللاجئ العراقي عمار الزبيدي، الذي رُحّل أخيراً، وقالت طراد إنه رحّل 14 لاجئاً عام 2010 «بذريعة»، «ذريعة الموافقة على العودة»، إثنان منهم رُحّلا قبل أن تُبتّ قضيّتهما قضائياً.
طراد شدّدت على ضرورة التواصل مع اللجنة الوزارية المؤلفة أخيراً لدراسة موضوع الأجانب الموقوفين بعد انتهاء فترات محكوميّاتهم، وقالت إنّ جهود هذه اللجنة قد تذهب سدى إذا استمرت قضية الاحتجاز التعسّفي للاجئين.
الاحتجاز التعسفي يمثّل مخالفة للمادة 8 من الدستور اللبناني
المحامي صاغية ذكّر بأنّ الاحتجاز التعسفي يمثّل مخالفة للمادة 8 من الدستور اللبناني، التي تنص على أنه «لا يمكن أن يقبض على أحد أو يحبس أو يوقف إلّا وفاقاً للأحكام (ه)»، لكنّ جواب الدول جاء بمثابة انقلاب على الدستور: «فإذ عجزت عن تقديم أيّ سند للاحتجاز من أيّ نوع كان، أعلنت أنّ الإفراج عنهم غير ممكن لأنه ليس لهم حق الإقامة في لبنان»، كأنها بذلك تعلن مبدأً جديداً «حظر الإفراج عن أيّ إنسان إلّا بسند قانوني». (!) صاغية ذكّر بأن «القاضي هو صاحب الصلاحية ما دام القانون أناط به وحده حق احتجاز الحرية، وفي الوقت نفسه ضمان احترامها»، ثمّ تحدث عن الأحكام الصادرة عن قضاة لبنانيين، التي قضت بمنع استمرار احتجاز لاجئين أو ترحيلهم تقدّموا بدعاوى بعدما تعدّت مدة احتجازهم محكومياتهم، وقد نال بعضهم بطاقة لاجئ صادرة عن المفوضية التابعة للأمم المتحدة.
أمّا في دعاوى أخرى فقد رفضت الدولة ـــــ أو مديرية الأمن العام ـــــ تبلّغ الحكم (!)، وقال صاغية إنّ رفض التبلّغ يحدث «بإرادة سياسية». أحد الذين صدر حكم لمصلحتهم، وهو اللاجئ رياض الهاشم، رُحّل إلى العراق، فيما أحيل آخرون على المحاكمة بحجة أنهم «رفضوا الترحيل»، ولكن القضاء حكم بوقف التعقّبات بحقّ 14 لاجئاً عراقياً، وبإطلاق سراح عدد منهم، وفق القرار الصادر في 29 آذار الماضي عن القاضي الجزائي في بيروت غسان الخوري، والقرارات الصادرة في 20 نيسان الجاري عن القاضي الجزائي في المتن حسام عطا الله.
عدم تنفيذ الإدارة اللبنانية لأحكام القضاء ورفض تبلّغ بعض الأحكام يمثّلان «تعدياً على مبدأ فصل السلطات وعلى المادة 20 من الدستور، المتصلة باستقلالية القضاء»، كما أنهما «يؤدّيان إلى إطالة أمد الاحتجاز التعسفي»، لذا أكد صاغية أن النقاط المطروحة تستدعي اهتمام رئاسة الجمهورية «على أساس دورها في صون الدستور»، والمجلس النيابي واللجنة الوزارية المنشأة للنظر في قضايا الأجانب، ومجلس القضاء الأعلى والمديرية العامة للأمن العام.