وقع خلاف بين مراهقَين في مدرسة في برجا، لكن الأمر تطور إلى إقدام أقارب أحدهما إلى انتهاك حرمة المدرسة، وإثارة القلق والخوف بين التلامذة. الإدارة استنجدت بمخفر الدرك، والأهالي استنكروا، والسؤال يدور حول غياب حراس
فاتن الحاج، خالد الغربي
أمس عايش تلامذة متوسطة برجا ـــــ الديماس وهيئتها الإدارية والتعليمية تجربة سيئة، فقد تعرضت المدرسة التي تقع في بلدة برجا ـــــ إقليم الخروب لاعتداء شابين كانا مزودين بآلات حادة وعصي، وقد عمدا الى اقتحام المدرسة بحجة تأديب تلامذة تعرضوا لقريبهما.
وفي التفاصيل كما رواها شهود عيان وأساتذة لـ«الأخبار» أن التلميذين رفيق ج. ومحمد ك. (يبلغ التلميذان 14 عاماً) قد تشاجرا صباحاً خلال توجههما الى المدرسة، وقد تمكن محمد من «خرمشة» وجه رفيق. بينما أكمل محمد طريقه الى المدرسة استنجد رفيق بأقاربه ليثأروا له. لبى الأقارب الطلب، فتوجه شقيقه محمد وخاله خالد ي. وأقارب آخرون الى المدرسة متوعدين مهددين.
لاحظ مدير المدرسة مصطفى شبو وأساتذتها وجود نية لدى الشبان الغاضبين للدخول إلى المدرسة وإحداث بلبلة في صفوف التلامذة. أبلغ المدير مخفر قوى الامن الداخلي بالأمر، وقد حضر عنصران وتمت معالجة الموضوع. غادر أقارب رفيق المكان.
بعد فترة وجيزة، ابتعد رجلا الأمن عن بوابة المدرسة وغادرا المنطقة. استغل شقيق رفيق وخاله الأمر، وعادا إلى المكان متسلحين بنوعين من الكرباج وبآلات حادة أو «بسلاح أبيض»، وفق ما أكد أحد أساتذة المدرسة، دخلا الى الصفوف ليضربا بالسياط طاولات المعلمين ومقاعد التلامذة، ثم راحا يركلانها بالأرجل، ولم يتوقفا عن إطلاق التهديدات والوعيد بالويل والثبور لمن يمس رفيق.
أُبلغت القوى الامنية مجدداً بما يحدث، فسارعت قوة منها الى المكان وأوقفت المعتديين على حرمة المدرسة.
ساد الهلع بين التلامذة، وطالب الأهل بحماية حرم المدرسة ومن فيها من اعتداءات مماثلة.
قريبا أحد التلامذة دخلا إلى المدرسة متسلحين بالكرباج وبآلات حادة
في اتصال مع «الأخبار» أوضح مدير المدرسة مصطفى شبو ما حصل فقال «إن عائلة أحد التلامذة حاولت اقتحام المدرسة بهدف الثأر لولدهم رفيق، وهو تلميذ في المدرسة»، ويضيف أن خلافاً وقع بين رفيق وزميله محمد ج. «المتهم بالتعرض له فحاولنا معالجة الموضوع بالطرق الدبلوماسية، وحاولنا امتصاص غضب الأقارب، وقلنا لهم تعالوا لكي نتفاهم، وعرضت عليهم حلولاً منها معاقبة التلامذة المتهمين بضرب قريبهم، وقد حضرت قوى الامن الداخلي بعدما أبلغناهم بوقوع الحادث، وظننّا أن الامر قد انتهى، لكني فوجئت بعد ربع ساعة بأن شقيق التلميذ رفيق ج. وخاله قد حضرا مجدداً، وأقدما على استباحة حرمة المدرسة واستباحة الصفوف وممارسة الارهاب وتحطيم وتكسير الطاولات والتهجم على المعلمين، ما أحدث ارتباكاً وحالات إغماء لدى بعض التلامذة نتيجة الخوف والهلع»، وأشار شبو الى أنه تقدم بدعوى لدى مخفر قوى الامن بحق المتهمين بالاعتداء على المدرسة، وهما محمد ج. وخالد ي، موضحاً أن المتهمين قد أوقفا لدى قوى الامن الداخلي، متمنياً عدم التساهل معهما ومعاقبتهما على ما اعتبره شبو «ممارسة فعل إرهابي». أكد شبو أن اعتصاماً احتجاجياً سينفذ يوم غد السبت، ويشارك فيه أساتذة من المنطقة، والهدف منه المطالبة بوضع حد للاعتداءات التي تطال المدارس في المنطقة.
التعرض للمدرسة وانتهاك حرمتها، تصرفٌ ترك استياءً لدى الهيئة التربوية والأهالي، وخاصة أن هذه الحادثة ليست الأولى في المنطقة، ففي 13 كانون الأول الماضي، تعرض عمر الخطيب، مدير ثانوية كمال جنبلاط في برجا، لاعتداء من والد أحد التلامذة وشقيقه اللذين انهالا بالضرب على رأس الخطيب، وكاد يتلقى الضربة القاضية، ففيما كان مرمياً على الأرض فاقداً الوعي، حمل الطالب الكرسي وهمّ بضربه، لكن وصول أستاذ الرياضة منعه من إتمام فعلته.
نتيجة الاعتداء أُصيب مدير الثانوية يومها ببتمزق في عضل القدم اليسرى واليد اليسرى وضربات على الرأس والعين، ورضوض في الجسد.


من يحمي المدرسة الرسمية؟

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المدرسة الرسمية للاعتداء فتُنتهك حرمتها ويُعبث بمحتوياتها، ليست المرة الأولى التي تقع فيها إدارة المدرسة والمعلمون والتلامذة رهينة العابثين بأمنهم ولا يجدون من يحميهم. تفتح حادثة الاعتداء على مدرسة الديماس في برجا، وهي الثانية في البلدة نفسها، الباب على غياب الحارس بسبب العجز في صناديق المدارس. لكن المدرسة الرسمية ملكية وطنية، وحمايتها على عاتق وزارة التربية. فهل مسموح أن تتكرّر مثل هذه الحوادث؟ عضو المجلس المركزي لروابط المعلمين عايدة الخطيب قالت إنّ المجلس تريّث في تسجيل موقف بانتظار ما ستصدره الوزارة، لكنّه يستنكر الحادث جملة وتفصيلاً.
وزير التربية حسن منيمنة كلّف مديرة التعليم الابتدائي شارلوت مقدسي متابعة القضية، ونقلت مقدسي تأكيد الوزير رفض التطاول على المدرسة الرسمية وكرامة معلميها وتلامذتها، وستُدرس القضية مع المستشار القانوني بشأن إمكان رفع دعوى أمام النيابة العامة.